مدينة أريحا تاريخ وحضارة

 أريحا ملعب الطفولة وبهجة القلب وعرس الأرض،

 هي أهلي وأحبابي وفؤادِيَ المجروح ودوائِيَ الشافي

اللهم فرج عنها واحفظ أهلها ورُدّنا إليها وكل من هُجِّر منها سعداء موفقين

:قال في وصفها الرحالة ياقوت الحموي

"أريحا بلدة من نواحى حلب أنزه بلاد الله وأطيبها، ذات بساتين واشجار وليس في نواحي حلب أنزه منها."


تعد أريحا من المدن التاريخية السورية الموغلة في القدم، وأول ما بُنيت المدينة القديمة كانت على تل أثري بجوار المدينة الحالية إذ ابتدأت الحياة فيها  قبل خمسة آلاف عام في الألف الثالث قبل الميلاد، في زمن الحكم الروماني ثم البيزنطي 

وفي عام 64 ق.م كانت أريحا مركزآ دينيا هامآ تتبع  لأنطاكية، وصلت المدينة إلى أوج ازدهارها ما بين (240 و350 م) 


فتحها عَمرو بن العاص عام 637م وألحِقت بجند قنسرين ثم في العهد الايوبي ألحِقت بحلب، ثم مرة أخرى ب قنسرين.

وبقيت تابعة إلى حلب حتى أُحدِثت محافظة إدلب في عام 1961 أيام الوحدة مع مصر فألحِقت بمحافظة  إدلب

اذا تجولت في شوارع اريحا القديمة فإنك بلا شك تكون قد و دخلت التاريخ لتشاهد حاراتها الغارقة بالقدم وازقتها الضيقة المرصوفة بالحجارة وبيوتها العربية القديمة التي تتوسطها فسحة سماوية وحديقة وبئرٍ وبركة ماء، تشاهد في أزقتها القديمة المرصوفة بالحجارة البيضاء قناطر مسقوفة مبنية بالحجر المغموس تسمى (الصيباط) 

 وتعود بعض آثارها للحقبة الرومانية والبيزنطية منها القناطر المحفورة في الصخر وآثار أخرى تابعة لحقب تاريخية متلاحقة متوغلة في القِدم  ترى فيها مسجدها الكبير باعمدته الضخمة وسقفه المغموس، ومسطباته الواسعة، قيل أنه كان معبداً قديماً، بُنِيَ تحته خزانات ضخمة لتجميع الماء تكفي مياهها لعام كامل، كانت تُملأ من  أمطار الشتاء ومن نبع ماء على طريق جبل الأربعين  (العين)  عبر قساطل فخارية ممدودة تحت الأرض موزعة الى أحياء البلدة القديمة

وفيها أيضاً العديد من الزوايا القديمة للعبادة والتكايا الصغيرة التي بناها أهل البلد للصلاة والتعبد 

 في عام (1516 م) تسلَّم السلطان العثماني سليم الأول مفاتيح أريحا وأُتبِعَت في ذلك الزمن لمدينة جسر الشغور، ثم أصبحت آغوية مستقلة مرتبطة بالباب العالي  في عام 1809 م

قيل في الموسوعة التاريخية أن بيوت البلدة القديمة كانت محفورة تحت الأرض في العصر الروماني، ويحيط بها سور ضخم يحوي 16 باب، فيها العديد من الاثار التي تعود للعهد البيزنطي والروماني من مباني ومدافن وخزانات وقنوات مائية  تغذي البلدة بالماء

 في أريحا تل أثري قيل فيه كلام كثير إذ مُنِع البناء عليه من قِبَل مديرية الآثار لأنَّ فيه أوابد  تعود لفترات زمنية مختلفة لم يتم التنقيب عنها حتى الآن

تقع منطقة أريحا وسط بقعة من أجمل بقاع سورية على سفح جبل الأربعين الذي كان يسمى قديماً ب(جبل بني عُلَيم) إرتفاعه عن سطح البحر (877 م) 

فيها نوع مميز من الفستق الحلبي يسمونه بائعي الفستق في حلب بالفستق (العليمي) نسبة إلى الجبل أو (الورديني) لأنه ملون كالورد

كما تحيط بها بساتين التين والزيتون والمحلب والكرز

اللذيذ حيث ارتبط باسمها في كل مكان (ريحاوي يا كرز) وكذلك الوشنة التي يصنع منها شراب لأكلة اللحمة بكرز

   إضافة لذلك فهي موقع استراتيجي لأنها ملتقى الطرق الرئيسية بين اللاذقية وحلب وإدلب ومعرة النعمان، وتتبَع لها عشرات القرى القريبة المحيطة بها في السهل والجبل.

يحد أريحا من الجنوب مصيف جبل الأربعين ذو الإطلالة الساحرة حيث يشرف على سهولها وسهول إدلب الخضراء ويمتد أفق الناظر منه إلى جبال تركيا شمالاً،  وإلى سهول سراقب وتخوم حلب شرقاً، ومن الغرب يمتد أفق الناظر الى سهل الغاب وذرى جبال الساحل السوري حيث يقابلك مصيف صلنفة ومحطة البث التلفزيوني، 

ذكرياتي فيها لا تنسى حين يتجلى أجمل شفق في أفق السماء عند الغروب صيفاً حيث تغفو الشمس على كتف جبل الأقرع فترتسم لوحات متتابعة الألوان من بديع صنع الله الذي أقسم بِالشَّفَقِ وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ  وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ ... إذ تختلط زرقة السماء مع بياض الغيوم فتَشُفُّ من خلالها أشعة الشمس المنعكسة شفقاً أرجوانياً رائع الجمال

وما أن يدنو الليل ويرتفع البدر في قبة السماء قمراً ينوِّر عتمة الليل إلا ويحلو السمر والسهر

     "مناظر لا يرام لها مثال * 

                            * وأفق لا يحدُّ وما تناهى"

     "مناظر لا تراها في الأماني*

                            *ولكن في أريحا قد تراها"

سبحان الله (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حساب الجُمَّل

بحث حول (النفاثات في العقد)

الإعجاز العددي في سورة الكوثر والغرض من هذه الإعجازات