حساب الجُمَّل

حسَابُ الجُمَّل طريقةٌ حسابية تُوضَع فيها أحرف الهجاء العربية مقابل الأرقام، بمعنى أن يأخذ الحرف الهجائي القيمة الحسابية للعدد الذي يقابله وفق جدول معلوم.

يقوم حساب الجُمَّل، على تبديل كل حرف بالقيمة المكافئة له من الحروف الأبجدية الثمانية والعشرين وقد جمعت منذ عمق التاريخ بهذا الترتيب الشعري:
         أبْجَدْ، هوز، حطِّي، كَلَمُنْ،
                 سَعْفَص، قََرَشَتْ، ثَخَذٌ، ضَظَغٌ

وهو بيت من الشعر العربي العمودي الموزون مؤلف من شطرين

ومجموعها ثمانية وعشرون حرفًا؛ تسعة منها للآحاد، وتسعة للعشرات، و تسعة للمئات، وحرف واحدٌ للألْف.
 فهو إعطاء كل حرف من حروف (أبجد هوز...) قيمة عدديّة.
 وهو حساب مغرق في القدم، فقد استخدمه المسلمون في التأريخ للأحداث.
والجدول التالي يبيّن طريقة المقابلة بين الحروف والأرقام في حساب الجمّل.

طريقة حساب الجُمّل. إذا قرأت عن حدث وقع في سنة (جمر)، مثلاً، فهذا يعني في حساب الجمّل أنّ الحدث قد وقع سنة (243)؛ لأن الحرف (ج) يقابله الرقم (3)، والحرف (م) يقابله الرقم (40)، والحرف (ر) يقابله (200).
فمجموع القيمة المكافئة للحروف
 ج + م + ر = 3 + 40 + 200 = 243
 وهكذا يكون تركيب أيّ عدد تريده بالحروف التي تلائمه.

وقد عرف عن العرب الأقدمين استخدام هذا الحساب  منذ القِدم أي ما قبل الجاهلية واستمر إستخدامها إلى بدايات القرن العشرين كما عرفها واستعملها اليهود من بني اسرائيل في حساباتهم الدينية والدنيوية من قبل
وأول من قام بحساب بعض آيات القرآن الكريم بحساب الجمّل هم اليهود! حين جاء بعض أحبارهم الى النبي صلى الله عليه وسلم , وتساءلوا كيف يمكنهم أن يدخلوا في دين لن يدوم إلا إحدى وسبعين سنة ؟ محتجين بأن ( الم ) التي نزلت في أول سورة البقرة تساوي بحسابهم 71 حيث أ = 1 ، ل = 30 ، م = 40 ، فيكون المجموع 71 . ولما سألوا عن غيرها فأخبـِروا بـ  ألمص:  قالوا : فتلك 161 لأن ص = 90 . ولما أخبـِروا ب - المر- و- كهيعص- و-  طسم - الى آخر ما كان قد نزل من فواتح السور قالوا متعجبين


ما نظنُّ أنَّ لهذا الدينِ نهايةً
وكأن هذا الحساب غارق في القدم ولا يستطيع أحد من المؤرخين أن يعرف من الذي وضع هذا الحساب وفي أي عصر
وتوجد طريقتان لاستعمال هذا الحساب، فالأولى كانت إذا أرادوا أن يسجلوا عددًا في البيع والشراء مثل: (950 دينارًا) دوّنوه كتابة بالحروف هكذا: تسعمائة وخمسون دينارًا، أو سجَّلوه بحساب الجمّل هكذا: (ظن) لأن قيمة الظاء (900) وقيمة النون (50).
ثمَّ انتشر استخدام الطريقة الثانية في العصور المتأخرة، خاصة في العصر المملوكي في ما عرف بالتأريخ الشعري الذي ظل معروفًا مستخدمًا إلى زمان قريب. والتأريخ الشعري يقوم على إيراد الحدث المؤرَّخ ضمن كلمات آخر شطرة من القصيدة، بعد كلمة أرِّخ أو تاريخ أو أحد مشتقاتها،
مثال نقله لنا والدي محمد بشير سالم رحمه الله:
وُجِدَتْ هذه الابيات محفورة على شاهدة قبر جد والدي الشيخ عبد القادر سالم رحمه الله وقد نُقِشَ تحتها تاريخ وفاته وهو 1297 هجري

أيها الرمس الذي حاز العلا
                      وسما عزاً بأبهى زائر
إنًّ في أقصاك مولىً قد روى
                      كل فخرٍ كابراً عن كابرِ
ما قضى حتى علِمنا أنه
                     في نعيمٍ في جوار الغافرِ
قلت مذ نادانِيَ التاريخ( كَمْ
                     سالمٌ للخلدِ عبدُ القادرِ)

وبحساب القيمة العددية المكافئة للجملة التي تلي كلمة التاريخ
(كم   ...  سالم    للخلد   عبد   القادر) =1297
(60  +  131 + 694 + 76 + 336) = 1297 هجري

ويوجد العديد من اللوحات على مداخل الأبنية الأثرية القديمة  والخانات والمساجد تحمل شِعراً ينتهي بشطرة أوجزء من الشطرة تشير كلمات هذا الجزء الى تاريخ إنشاء هذا الصرح
وأحياناً يرثي أحد الشعراء شخصاً عظيماً  بقصيدة ينهيها بجملة تعبر عن تاريخ وفاته ودائماً ما تكون في البيت الأخير من القصيدة بعد كلمة (تاريخ أو أحد مشتقاتها) وتشير الى تاريخ الوفاة أو تنقش على لوحة أبيات من الشعر تعبر عن تاريخ البناء

(صورة باب جامع الشعلان في دمشق حي الشعلان)

كتب على هذه اللوحة هذه الأبيات:
ذا جامع  خير  محرم    .....  بسنا الأنوار قد ازدهرَ
نوري الشعلان بناه لنا    .....  وحَيَّ على هُدى جَهَرا
فَجَزاه  الله  به  خيرا    ..... وعلى ذا الفعلِ له شَكرا
فادخُلْه وفي تاريخِه(قل.....  ذا المسجد لله عمرا  )

ويلاحظ كتابة هذه الأرقام مكتوبة تحت الكلمات الموجودة  بين القوسين في نهاية البيت الأخير
(١٣٠  + ٧٠١ + ١٣٨ + ٦٥ + ٣١١) والجموع=١٣٤٥ هجري
وهو تاريخ بناء المسجد الملاصق لبيت نوري الشعلان في دمشق

وتتميز هذه الطريقة بالاختصار وجمع الأعداد الكثيرة في كلمة واحدة أو كلمات، وهذا ما جعل حساب الجمّل سهل الاستخدام في نَظْم العلوم والمعارف وتثبيت الديون وتأريخ الأحداث. كما يمكن أن يكون نوعًا من التَّشْفير بتحليل الأعداد المعطاة إلى مجموعة حروف مكونة بذلك لُغْزًا أو شفرة أو سراً مخبأً بين الكلمات

فكانوا من تشكيلة هذه الحروف ومجموعها يصِلون إلى ما تعنيه من تاريخ مقصود وبالعكس كانوا يستخدمون الأرقام للوصول إلى النصوص.

عُرِف حساب الجمل عند اليهود الذين عاشوا في الجزيرة العربية واستعملوه في بعض حساباتهم الدينية وعرفه العرب قبل الإسلام ووظفه البعض في تثبيت بعض مناسبات كتأريخ  لها كما استعمله الهنود من قبل
ولو بحثنا عن بعض الابجديات التي يعتقد البعض أنها سبق تدوينها كتابة وأحرفاً للغتنا  العربية لوجدنا أنها تحوي
 نفس تسلسل أحرف ( أبجد هوز حطي كلمن ....)

صورة الأبجدية المسمارية
 

كما ان تسلسل الأحرف في الابجدية الإنكليزية تجد فيها تسلسل الأحرف K L M N وهي( كلمن)
وتسلسل الأحرف Q R S T أصلها العربي (قرشت)
وهذا يدل على أن أصل اللغات واحد وقد اشتقت جميعها من اللغة العربية الأم وعدد أحرفها 28 حرفاً
وأصل الأمم أمة واحدة وأصل اللغات من عهد آدم لغة واحدة وقد قال الله تعالى ذلك في هذه الآية:
{وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [يونس : 19]
وتسلسل أحرف معظم الأبجديات القديمة واحد بنفس تسلسل أبجد هوز
وسميت الأحرف بالأبجدية منذ القدم لانها تبدأ باحرف  كلمة (أبجد)
ويوجد خلاف بين علماء اللغة حول عدد الأحرف الابجدية العربية فمنهم من يقول إنها 29 حرفاً ومنهم من يقول إنها 28 حرفاً والفارق هو الهمزة والألف فمنهم من يعتبرهما حرفين ومنهم من يعتبرهما حرفاً واحداً والحقيقة إنهما شكلان مختلفان لحرف واحد وإن قيمتهما في حساب الجمل واحدة فالألف الممدودة  والهمزة أينما وجدت تحسب بقيمة تساوي واحد (1) أما الألف المقصورة فتحسب قيمتها عشرة كالياء ويستدل من خط القرآن الكريم على ذلك فالألف المقصورة والياء لهما نفس الرسم تماماً فالياء تكتب بدون نقطتيها
وقد وُجِد بالاستقراء أنّ حساب الجُمّل هو الركن الأساس في الإعجاز العدديّ للقرآن الكريم
ووَجد عددٌ من الباحثين أن الله سبحانه وتعالى قد أخفى بعض الكلمات وبعض الآيات وبعض الإشارات في التأريخ ذات معنى بشكل معجز ومعبِر ومحير أحياناً داخل بعض نصوص آيات القرآن وقد أشار الله لذلك في القرآن في قوله{عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} (المدثر : 30)
وأقسم الله بالقمر وبالليل وبالصبح : {إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ} [المدثر : 35]
وكمثالين بسيطين:
- من أسماء الله ال(واحد) وهو أصل لكل شيء في الوجود والواحد هو أيضاً أصل للأرقام والأعداد (1) وقيمة كلمة (واحد) في حساب الجُمَّل تساوي (19) تسعة عشر
- كما أنه ليس من الصدفة أنَّ كلمة (نمل) تساوي في حساب الجُمَّل (120) وهي تساوي أيضاً مجموع عدد آيات سورة النمل (93) ورقمها التسلسلي في سور القرآن وهو (27)
 وسوف آتي على ذكر تلك الإعجازات مستقبلاً إن شاء الله
وهذا أمرٌ لايمكن أن يأتي بالصدفة أبداً  وإنما هي إشاراتٌ من الله يحاول  بعض الباحثين المجتهدين اكتشافها فيوفَّقون أحياناً ويُخفِقون أحياناً أُخرى

الحروف الرقمية تمثل كل الحروف الأبجدية ( 28 حرفاً)
ولحرف الهمزة في الجُمّل تفصيل خاص؛ فإنّ قيمة الهمزة لا تختلف باختلاف الحرف الذي تُرسم عليه؛ فقيمتها (واحد) بغض النظر عن رسمها منفردة، أو على ألف، أو على واو، أو على ياء
ولكل حرف له مدلوله الرقمي التي تبدأ برقم 1 وتنتهي عند الرقم 1000 وهى كالآتي:

أ=1، ب=2، ج=3، د=4، ه=5، و=6، ز=7، ح=8، ط=9

ي=10،  ك=20،  ل=30،  م=40،  ن=50،  س=60، ع=70،   ف=80،  ص=90 .

ق=100، ر=200، ش=300، ت=400، ث=500،
خ=600، ذ=700، ض=800، ظ=900،
غ=1000

ا       ب ت ث        ج ح خ       د ذ
ا       ب                ج              د
الحرف الأول من كل مجموعة

تعليقات

  1. تشكر على هذا التوضيح

    ردحذف
  2. بارك الله فيك وجزاك الله خير الجزاء اخي الكريم رعاك الله تعالى.

    ردحذف
    الردود
    1. وجزاك الله كل الخير أيضاً أخ أبو عواد

      حذف
  3. شكرا لكم ولكن كيف نحسب من ١١ إلى ١٩ أو من ٢١ إلى ٢٩
    أو ١١ نحسب هكذا يا ٢١ كا؟

    ردحذف
  4. جزاكم الله كل خير وانعم عليكم بكل خير

    ردحذف
  5. لماذا لم تذكر بعض أمثلة هذا العلم فى القرأن

    ردحذف
  6. الالف المدية كم مقدراها في حساب الجمل ؟!

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بحث حول (النفاثات في العقد)

الإعجاز العددي في سورة الكوثر والغرض من هذه الإعجازات