بحث في أول بيت وضعه الله للناس (البيت العتيق)


بحث عن أول بيت وضعه الله للناس (البيت العتيق)

  {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص : 29]

 قصة جدنا آدم عليه السلام ومسجده القديم

في ثنايا هذه القصة استنباطات جديدة لم يحدِّثنا عنها أحد من قبل وتساؤلات ؟؟؟ والجواب ياتي في سياق البحث:

- ما العلاقة بين قدسية المسجد الحرام وقدسية المسجد الأقصى؟

- هل الكعبة هي البيت العتيق؟؟

- هل البيت العتيق كان مكعب الشكل؟؟

- هل أول ما جعل الله البيت العتيق قبلة للناس أم مسجداً للعبادة؟؟

- هل المسلمون يطوفون حول الكعبة المشرَّفة ؟؟

- أين عاش آدم في الأرض ولماذا سمى الله مكة أمُّ القرى؟؟

- أين كانت قِبلة آدم في صلاته؟؟

- ما قصة حِجر إسماعيل ولماذا شكله نصف دائرة؟؟

- ماذا قال الله عن الكعبة وبيته العتيق في الكتاب المقدس لدى النصارى؟؟

- هل صحيح ان طول أبانا آدم عندما خلقه الله ستون ذراعاً؟؟


*1- المسلون يطوفون حول أول مسجد وأقدم مسجد بُنِيَ على كوكب الأرض لعبادة الله وهو (البيت العتيق) شكله كما في الصورة الأولى (البيت العتيق) التي أرفِقُها لكم برسمٍ تخيلي يحاكي الأصل كما بُنِيَ أول مسجد وضع للناس

 رسمتُه بمقاييس حقيقية من مخططات الكعبة

 الكعبة المُشَرَّفة اليوم مُكعَبة الشكل هي بناء استحدثته قريش وأبقاه الرسول ﷺ كما هو لأن قومه حديثي عهد بالإسلام  وبقي الطواف كما كان في زمن إبراهيم عليه السلام حول البيت العتيق، وليس حول الكعبة المشرفة فقط {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج : 29]

إذ تم بناء المسجد العتيق أول ما بُنِيَ بأمر الله لسيدنا آدم 

جاء في البخاري (3366) ، ومسلم (520) عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ : " قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ : أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلُ، قَالَ: (الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ) ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: ( الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى ) ، قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا ؟ ، قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً  " وزاد في مسلم  "وَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ فَهُوَ مَسْجِدٌ" 

وتلك كانت خصوصيةٌ جعلها الله فقط لخاتم انبيائه محمد ﷺ أما ما قبله من الرسل فكانت صلاتهم فقط في بيوت العبادة والمساجد

(وقيل في الأثر عن : بناهما كلاهما آدم عليه السلام)

 إنَّ قداسة المسجد الحرام والمسجد الأقصى ليست للأحجار التي بُنِيَت بهما  وإنما لبَرَكةٍ وهبها الله لهذه البُقع الطاهرة 

{....الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا .....} [سبإ : 18]


 *2- المسجد الحرام لم يكن مكعب الشكل بل بُنِيَ مستطيلاً ينتهي من الشمال بنصف دائرة ولم يكن له إلا ركنان فقط كما في (الرسم التخيلي للصورة المرفقة مع هذا البحث).

 بُنِيَ للعبادةِ والصلاةِ والسجودِ فيه والدليل قول الله {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ} [آل عمران : 96]

وبكة هي مكة وسماها الله أيضاً (أم القرى)


*3- قال البغوي في تفسيره للآية 92 من سورة الأنعام {.... وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا ..... }[الأنعام : 92]

قائلاً: «إنما سميت مكة "أم القرى" لأنها أصل قرى الأرض كلها.

 يستنبط من هذه الآية والتي سبقتها (96 آل عمران) أن مكة كانت أول قرية عمرها البشر من عهد آدم وأبناءه على هذه الأرض لذلك كان (البيت العتيق) هو أول بيت وضِع للناس لعبادة الله، ثم انتشر منها الناس الى بقاع الارض.


*4- لم يُبنَ هذا المسجد حينها للطواف حوله بل بقي مسجداً للعبادة ردحاً طوييييلاً من الزمن ... إلى أن جاء طوفان نوح عليه السلام، فهُدِم البيت الحرام واندثر ولم يبقى له أثر حتى أن قواعده غطتها الرمال كما غطت مكة بأثرها وجفت مياهها  وتصحرت أرضها وجبالها وتحولت من أرض خِصبة جنات وأنهار في عهد آدم الى صحراء ووادٍ غير ذي زرع لا ناس فيه وبقيت كذلك ردحاً طويييبييلاً من الزمن 


 إلى أن جاء الأمر الإلهي لسيدنا إبراهيم عليه السلام بأخذ زوجه هاجر وإبنه إسماعيل وتركهما في ذلك الوادي القفر 


*5- جاء هذا الأمر الإلهي توطئة من رب العالمين ليجعل قدوم سيد الخلق وخاتم الأنبياء محمد من ذرية خليل الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام فيكون هذا النبي من امة العرب،

 ثم قَفَل إبراهيم راجعاً الى فلسطين تاركاً طفله وزوجه كما أمره الله سائلاً مولاه:

{رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [ابراهيم : 37]

واستجاب الله دعوة إبراهيم فأجرى لإسماعيل وأمه ينبوع زمزم يتدفق الماء منه (وباقي القصة ... معروفة للجميع) 

لما صار اسماعيل فتىً جاء أمر الله الثاني لنبيه إبراهيم بإعادة بناء بيته العتيق بيت الله الحرام  وبيَّن له مكان قواعده القديمة (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ) فبَنَياهُ كما بُنِيَ أول مرة على شكل (الصورة التخيلية المرفقة بالبحث) على قواعده القديمة وما أن أتم إبراهيم البناء حتى دعا  لذريتهِ من إسماعيل ولكل العرب من سكان الجزيرة العربية هذا الدعاء

{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129)} [البقرة : 127-129]

ثم فرض الله الحجّ إلى هذا البيت والطواف حوله تعظيماً وتقديساً لمكانته فأمر إبراهيم (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ)

 أي أعلِم الناس بوجوب الحج إلى ذلك المكان الطاهر

{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)} [الحج : 27-29]

ولما كان هذا الوادي لا زرع فيه ولا مرعى للأنعام 


*6- فرض الله على الحجاج إحضار الأنعام معهم كهديٍ لضيوف الرحمن لذبحها قرب البيت الحرام وأكل لحومها وإطعام الحجاج والفقراء منها

{لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)} [الحج : 28-29]


وأعود للحديث عن إعادة بناء المسجد الحرام الذي بُنِيَ على قواعده القديمة (كما في الرسم التخيلي المرفق في هذا البحث)


*7- حيث كان الحِجر والكعبة متصلان معاً في حيز واحد يشكلان مسجداً للصلاة يتسع لمئتي مصلي تقريباً من أبناء آدم وأحفاده وأحفاد أحفاده.

إذ كانت أعمارهم طويلة جداً، ألفٌ من السنوات قد تزيد وقد تنقص  إذا ما قارنا أعمارهم بأعمارِنا اليوم والدليل من القرآن هو ما لبثه نوح في قومه 

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} [العنكبوت : 14]


والمعلوم أن هذا البيت قد هُدِم على مر التاريخ  عديد من المرات بسبب الفيضانات  والسيول والحرائق والحروب ثم يُعاد تعميره على ذات قواعده الأولى 

أطلَقَ الناس أسماءٌ عِدة على حِجر إسماعيل مع مرور الزمن فسُمِي: (الحِجْر، الحَطيم، الجَدْر، حفرة اسماعيل، وحجر اسماعيل)

 ((وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عندما دخل الكعبة عام الفتح صلى في داخلها ركعتين، وروت عائشة أنها لما أرادت دخول الكعبة قال لها النبي: «صلي في الحِجر فإنه من البيت»))

وفي حديث آخر في البخاري ومسلم عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجَدْر، أمِنَ البيت هو، قال: نعم، قلت فما لهم لم يُدخِلوه في البيت، قال: ألم ترَي قومُك قصَّرت بهم النفقة، قلت: فما شأن بابه مرتفعاً، قال: فعل ذلك قومُكِ لِيُدخِلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، ولولا أن قومك حديثوا عهد بجاهلية فأخاف أن تُنكِر قلوبهم أن أُدخِلَ الجُدر في البيت وأن ألصق بابه الأرض»

*8- كانت رغبة المصطفىﷺ أن يعيد بناء (البيت العتيق) على شكله الأول كما هو في (الرسم المرفق بالبحث) مما دفعني لأرسمه كما أراده ﷺ بل إرادة الله أن يبقيه بأربعة جدران وأربعة أركان ليكون قبلة للعالمين فجهات العالم أربعة 

*9- لفت نظري الطرف الشمالي من هذا البيت العتيق أنه بُنِيَ على شكل نصف دائرة

تساءلت في نفسي لا بد أن يكون لذلك الجدار الدائري وظيفة ما يريدها الله !!!!!

فلماذا بُنِيَ بشكل دائري ولم يكن مستقيماً كما نَبنِي مساجدنا اليوم، وما الهدف من تلك الاستدارة ؟؟؟

وجاء في خلَدِي هذا الجواب: أنه يمكن أن يكون قد بُنِيَ هذا الطرف الدائريٌ  كمحرابٍ لهذا المسجد، لِمَ لا والمحراب ذكره الله في الكتاب كمكان للخلوة الخاصة مع الله داخل بيوت العبادة في كل الأديان فقال تعالى (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ) وقال أيضاً في زكريا (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ) (فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وعشِيَّا) وذكر الله المحراب أيضاً في قصة نبيه داوود (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ)

يستنبط من تلك الآيات أن المحراب رمزٌ يؤكد اتجاه القبلة للمصلين أرادهُ الله في بيوت العبادة لكل الشرائع وكذالك للمسلمين 


تابعت سؤالي بسؤالٍ آخر، هل كان أبانا آدم وذريته يصلون في البيت العتيق إلى قِبلة محددة مع بدايات الحياة البشرية على هذا الكوكب؟؟؟

تُرى أين تتوجه تلك القبلة؟؟؟


 كانت دهشتي كبيرة عندما فتحت الكمبيوتر على برنامج (Google Earth

الجوجل إرث) الذي يُرينا صوراً حقيقية للأرض مصورة من الأقمار الصناعية فتحته على مكة المكرمة وظهر لي المسجد الحرام وكبَّرتُ الصورة حتى ظهرت الكعبة المشرَّفة ... رسمت خطاً مستقيماً بدءاً من ركن الحجر الأسود مروراً بباب الكعبة ومدَّدته باتجاه محراب البيت العتيق (حِجر إسماعيل) متتبعاً إتجاه ذلك الخط  الذي يتجه إلى الشمال المائل قليلاً الى الغرب ماراً فوق البلدان على خرائط الغوغل


*10- كان هدفي اكتشاف وتحديد القِبلة التي أمَرَ الله أبانا آدم أن يوجه إليها بيته العتيق فإذا القبلة كانت كما توقعت هي القدس الشريف حيث (المسجد الأقصى والصخرةالمقدسة)

ولم أُفاجأ كثيراً لأنها حقاً كانت أيضاً هي القبلة الأولى لسيدنا محمد ﷺ ولجميع الانبياء ممن سبقوه إذ صلى إليها سيدنا محمد قبل هجرته بسنوات وكان يتعمد أن يجعل الكعبة بينه وبين قبلته الأولى بيت المقدس  التي أمره الله التوجه إليها

 (وكأن العلاقة بين أول مسجدين بُنِيا على الأرض للعبادة رابطةً تبادليةً بين قِبلتين لا ثاني لهما على الأرض) وأسأل الله أن يعيد للمؤمنين قبلتهم الأولى ويثلج صدورهم بتحرير المسجد الأقصى 


 *11- ورد في  الحديث أنَّ الرسول ﷺ عندما فُرِضت عليه الصلاة كان يتعمّد أن يقف مصلياً أمام جدار الكعبة الجنوبي بين ركنيها  القديمين متجهاً للشمال إلى بيت المقدس قبلته الأولى إذ يجعل الكعبة بينه وبين القبلة التي فرضها الله أولاً ليعلم صدق الذين يتبعون الرسول من بني إسرائيل ممن ينقلب على عقبه منهم

إذ يقول الله: (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ)

ثم بقي حبيبنا محمد ﷺ ستة عشر شهراً بعد الهجرة متجهاً فقط إلى بيت المقدس مباشرة، إلى أن حول الله القبلة إلى الكعبة المشرَّفة إرضاءً لحبيبه ﷺ بقوله سبحانه:

{قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ}   

[البقرة : 144]

ذكر الله هذا البيت بأسماءه المتعددة في القرآن:  (البيت)7 مرات

 (البيت العتيق) 2 مرة

 (البيت الحرام) 2 مرة

  (الكعبة)        2 مرة 

 (المسجد الحرام) 15 مرة

المجموع: 28 هي من مضاعفات الرقم (7) الذي له تميزٍ وخصوصية عند الله


وحده الله الذي حدد مكان بناء البيت الأول للعبادة في هذا الوادي بقوله: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ} [آل عمران : 96]

وفي حديثٍ لرسولِ الله من أحاديث المعراج ذَكَر لنا: أن بيتاً في السماء يماثل البيت العتيق تماماً تدخله آلاف الملائكة كل يوم ... قد أقسم الله به في سورة الطور بقوله: (والبيت المعمور)


*12- ذَكر الله (مكة وواديها والكعبة ونبع زمزم) في كُتُبِه السماوية فقد ورد في العهد الجديد في المزمور 84 (10-5)

 وقد أخذت هذه الآية من النسخة الإنكليزية الماخوذة عن الأغريقية الأولى على لسان النبي داوود يقول: ((طوبى لأناس عزُّهم بِكَ، طرق بيتك في قلوبهم، عابرين في وادي بكة "Baca" يُصَيِرونَه يُنبوعاً، لأن يوماً واحداً في ديارك خير من ألف))

وليس ثمة في الأرض مكان اسمه بكة يَعبُر الناس في واديهِا (ذاهبين و عائدين من عرفات) إلى بيت للعبادة بجانبه ينبوع ماء ويشربون من ماء (زمزم) حيث الصلاة فيه أفضل بالف مرة فيما سواه، سوى مكة المكرمة وبيتها العتيق

وعندما تم ترجمة الأناجيل إلى العربية حرَّفها الآباء المسيحيين العرب  الى وادي البكاء لأنها لو بقيت ستكون إقراراً بصدق القرآن وفي بعض الأناجيل حرفوها الى وادي البيلسان {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة : 79]


*13- قبل بعثة رسول الله أعادت قريش بناء الكعبة واشترط زعماءها أن يكون بناؤها من مال حلال صرف، فلم  يتمكنوا من إتمامها وقصَّرت بهم النفقة فبنوها على شكلها المكعب وسوروا حِجر إسماعيل على قواعده الدائرية وصارت مُكعَبة الشكل كما هي اليوم

{۞ جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ۚ ذَٰلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المائدة : 97]

قيل في حجر اسماعيل كما هو اليوم آراء  كثيرة

- قيل عنه أنه مثل حِجر الإنسان أي حضنه، وحجر الكعبة أي حضنها ... وأراه أنا محراب البيت القديم

وهو مدوَّر على شكل نصف دائرة له فتحتان من طرفيه، للدخول إليه والخروج منه.

- يقول القاضي عياض: "حِجر الكعبة هو ما تركت قريش من بنائها على أسس إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وحَجَرت على المواضع ليُعلَم أنه من الكعبة" 

 ورد في صحيح البخاري ومسلم أن عائشة سألت رسول الله عن الجَدْر أَمِنَ البيت هو، قال: نعم.


- رُوي عن ابن عباس أن رجل قال له أرأيت الحطيم قال: «لا حطيم، إن أهل الجاهلية كانوا يسمونه الحطيم، وإنما هو الجَدْر،  فمن طاف بالبيت فليِطُف من روائه»


- أصح الأقوال هو قول ابن عثيمين لانه مأخوذ عن حديث لرسول الله: «هذا الحِجر يسميه كثير من العوام حجر إسماعيل، ولكن هذه التسمية خطأ ليس لها أصل، فإن إسماعيل لم يعلم عن هذا الحِجر، فسبب وجود هذا الحِجر خارج الكعبة أن قريشًا لما جَددت بِناء الكعبة، وكانت في الأول على قواعد إبراهيم ممتدة نحو الشمال، فلما جُمِعت نفقة بناء الكعبة من المال الحلال وأرادوا البناء، قصُرت النفقة فصارت لا تكفي لبناء الكعبة على قواعد إبراهيم، فقالوا نبني ما تحتمله النفقة، والباقي نجعله خارجا ونحجر عليه حتى لا يطوف أحد من دونه، ومن هنا سُمِيَ حِجْرًا، لأن قريشا حجرته حين قصُرت بها النفقة


وجاء بحديث النبي صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة رضي الله عنها: لولا أن قومك حديثو عهد بكُفرٍ لبَنَيتُ الكعبة على قواعد إبراهيم، ولجعلتُ لها بابين، بابا يدخل منه الناس، وبابًا يخرج منه.»


حيث كان للكعبة ركنان فقط هما: 

١- الركن الشرقي وهو ركن الحجر الأسود بجانب باب الكعبة

٢- والركن الجنوبي 

وبعد أن جعلوها مكعبة الشكل أصبح لها أربعة اركان  أي زاد ركنان على طرفي الحِجر الركن الشمالي والركن الغربي


- (البيت العتيق) من المعجم لها معنيين البيت (القديم والكريم)  فهو قديم عند الناس كريم عند الله إذ بُنِيَ للصلاة

وقيل أيضاً ان كلمة عتيق مأخوذة من العِتق من النار لمن صلى فيه وإليه 


*15- من أبعاد البيت العتيق الموضحة على الرسم والتي اخذتها من مخططات للكعبة المشرفة المبنية فوق قواعدها القديمة من عهد آدم نستدل أن آدم وأبناءه وأحفاده من بعده كانوا بشراً مثلنا بالطول تماماً ربما زادهم الله في الخلق بسطة في الجسم ... لكن أطوالهم كأطوالنا ولم يكن آدم طوله ستون ذراعاً (أي 40 متراً) كما ورد في الكتب وإلا لما كان هذا البيت العتيق يتسع لواحدٍ لوحده من هذا الطول والحجم الضخم ليتعبد الله فيه

 علماً بان الله يقول وضِعَ (للناس) ليتسعهم لعبادته في ذلك الزمن

 فإنَّ أبعاده المسجلة على الرسم المرفق وبمساحة تقريبية 160 متراً مربعاً يمكن ان يتسع لمئتي مصلي من البشر من بني آدم 

يؤكد كلامي هذا جميع الإكتشافات العلمية للهياكل البشرية القديمة على هذا الكوكب أمثال الفراعنة فجميعها مطابقة لهياكل الإنسان العادي في زماننا سواء كان طويلاً أم قصيراَ ومن قبلهم بآلاف سنين أخرى قوم ثمود فمقاييس أبنيتهم الباقية حتى اليوم في مدائن صالح  وأطوال أبوابها تدل على انهم بشر أمثالنا بالطول والعرض. مع العلم أنَّ الباحثين لم يجدوا هيكل عظمي واحد أبعاده  ستون ذراعاً ولا سدس ذلك الطول مع انهم وجدوا مئآت الهياكل العظمية الكاملة للديناصورات التي سبقت وجود الإنسان على هذا الكوكب بمئآت آلاف السنين

 جاء في البخاري ومسلم هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا ، ثم قال : اذهب فسلم على أولئك من الملائكة فاستمع ما يحيونك ، فإنها تحيتك وتحية ذريتك . فقال السلام عليكم فقالوا : السلام عليكم ورحمة الله . فزادوه : ورحمة الله فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن ) . رواه البخاري ( 3336 ) ومسلم ( 7092 ) 

أرى انه حديث غير صحيح، يتعارض مع العلم الجيولوجي والمستحاثات كما نوهت قبل قليل عن الاكتشافات لجثامين البشر الذين سبقونا بعشرة آلاف من السنين إذ كانوا بأطوالنا المعتادة

كما يتعارض مع كتاب الله في الآية الكريمة من سورة آل عمران

{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ} [آل عمران : 96]

وأكد الله في سورة النور أن بيوت الله توضع للعبادة في قوله: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [النور : 36]

 فلا يتوافق هذا الحديث مع الآيتين إذ كيف وُضِعَ لِلنَّاسِ للعبادة ولا يتسع لشخص واحد من الناس، ولماذا وضعه الله إذاً؟؟

وحتى لا يقول أحد ما أن الله وضعه للطواف حوله أقول له: لا هذا غير صحيح، فإن الله وضعه كأول بيت للعبادة فقط، ومن كتاب الله أيضاً لم يُفرَض الطواف به والحج إليه إلا في زمن إبراهيم عليه السلام عند إعادة بنائه 

أنا لا أشك انه حديث موضوع لا صحة له والله أعلم.

ومن لديه دليل ذو قيمة يدحض هذه الأدِلَّة فليأتني به وأتقبله 

هذا ما هداني الله اليه من شرح  لقصة بناء البيت الحرام وما استنبطته معتمداً على كتاب الله والسنة الصحيحة والعلم الحديث

والله من وراء القصد وهو العليم الخبير فإن أصبت فمن الله وأشكركم إن نشرتموه للعلم والمعرفة، وإن أخطأت فمن نفسي وأشكركم إن أشرتم للخطأ أين ورد مع الدليل، فما أنا إلا متفكرٌ في آيات الله أجتهد للوصول الى الحقيقة.

أرفق صوراً من الجوجل فيها خط رفيع يبين ويُظهِر اتجاه محراب البيت العتيق من الكعبة  الى بيت المقدس

وصورتين من رسمي توضحان كيف كان شكل البيت العتيق اول ما وضِع وكيف أصبح اليوم 

ولكم ولكل من قرأ هذا البحث مودتي واحترامي.






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حساب الجُمَّل

بحث حول (النفاثات في العقد)

الإعجاز العددي في سورة الكوثر والغرض من هذه الإعجازات