(وتجاهلتُ السؤالا)
(وتجاهلتُ السؤالا)
في عام 1970 كان والدي المربي محمد بشير سالم برفقة الوالدة رحمهما الله تائهين في مطار أثِنا في اليونان وهما متوجهان الى الجزائر العاصمة ولا يعرفان اللغة اليونانية الأغريقية عندما رأتهم فتاة جزائرية عربية الملامح بهية الطلعة ساعدتهما ثم رافقتهما على نفس الطائرة وجرى بينهما حوار صاغه الوالد فيما بعد بقصيدة طويلة على نهج وقافية قصيدة مشهورة للشاعر الكبير "عمر أبو ريشة" إسمها (فتاة الطائرة) وهذا يُدعَى بين الشعراء بالمعارضة الشعرية
وشاء الله أن يلتقي والدي الشاعر "عمر أبو ريشة" في أمسية شعرية أقيمت على مدرج كلية الطب في جامعة حلب عام 1988
فوجدها الوالد مناسبة جيدة لتقديم ديوان شعره الذي يحتوي على تلك القصيدة التي عارض فيها قصيدة الشاعر الكبير (فتاة الطائرة) وسماها الوالد (رفيقة الطائرة)
فوجئتُ أنا بأن هذا اللقاء كان مسجلاً بفيديو نقله وأهداه إليَّ زميلي وهو ابن أخت الشاعر الكبير "عمر أبو ريشة" المهندس محمد مالك قبيعة وشكرته بهذه الكلمات:
أهدَيت لي كنزاً ثميناً ... كيف لا وقد أحييت في قلبي ذكرى جميلة مصورة للوالد الغالي ودَمَعَتْ عيناي لرؤيته... وأقول لك مثل ما قاله الشاعر الكبير لوالدي في هذا اللقاء (أشكر فضلك) (أشكر فضلك)
واقتطفتُ لكم من تلك الأمسية الطويلة هذه الدقائق الثلاث لتبقى ذكرى جميلة نعتز بها نحن أبناؤه وجميع أقربائه ومعارفه ومحبيه
وهذا الفيديو موجود على ال(Yuo Tupe) في أمسية طويلة للشاعر "عمر أبو ريشة" في جامعة حلب عام 1988
وأنقل لكم نص القصيدتين:
(فتاة الطائرة) للشاعر "عمر أبي ريشة" وبعض من أبيات قصيدة (رفيقة الطائرة) للوالد محمد بشير سالم
أسأل الله لكليهما الرحمة والفردوس الأعلى وأن يُجزِيَهُما الله عنا خير الجزاء
1- قصيدة (فتاة الطائرة) للشاعر الكبير "عمر أبو ريشة":
وثَبَتْ تَستقربُ النجم مجالا
وتهادتْ تسحبُ الذيلَ اختيالا
وحِيالي غادةٌ تلعب في
شعرها المائجِ غُنجًا ودلالا
طلعةٌ ريّا وشيءٌ باهرٌ
أجَمالٌ؟ جَلَّ أن يُسمى جمالا
فتبسمتُ لها فابتسمتْ
وأجالتْ فيَّ ألحاظًا كُسالى
وتجاذبنا الأحاديث فما
انخفضت حِسًا ولا سَفَّتْ خيالا
كلُّ حرفٍ زلّ عن مَرْشَفِها
نثر الطِّيبَ يميناً وشمالا
قلتُ يا حسناءُ مَن أنتِ ومِن
أيّ دوحٍ أفرع الغصن وطالا؟
فَرَنت شامخةً أحسبها
فوق أنساب البرايا تتعالى
وأجابتْ : أنا من أندلسٍ
جنةِ الدنيا سهولاً وجبالا
وجدودي، ألمح الدهرَ على
ذكرهم يطوي جناحيه جلالا
بوركتْ صحراؤهم كم زخرتْ
بالمروءات رِياحاً ورمالا
حملوا الشرقَ سناءً وسنى
وتخطوا ملعب الغرب !! نِضالا
فنما المجدُ على آثارهم
وتحدى، بعد ما زالوا الزوالا
هؤلاء الصِّيد قومي فانتسبْ
إن تجد أكرمَ من قومي رجالا
أطرق القلبُ، وغامتْ أعيني
برؤاها، (وتجاهلتُ السؤالا)
****** ******
2- قصيدة (رفيقة الطائرة) للوالد الشاعر والمربي محمد بشير سالم:
خطرت ترفل في الخزِّ دلالا
غادةٌ تملأ ذِي الدُنيا جَمالا
وبيُمناها صَبِيٌّ كالدُمى
وبيُسراها فتاة تَتَلالا
قد رأتنا نتَنادَى حيرَةً
إذ جهِلنا لُغة القومِ مَقالا
فاستدارتْ نَحونا تُسعِفنا
بكلامٍ جاء دُرّاً يَتَتالى
ثم حيَّت بابتسامٍ مشرقٍ
يَبعثُ الشِعرَ فأرويهِ انفِعالا
وامتَطينا الريحَ متناً طيعاً
وانطلقنا نَقطع الجوَّ اختِيالا
في بساط الريح إلا أنه
مزَّقَ الريحَ صعوداً وتَعالَى
وتعارفنا فقالت زوجتي:
هذهِ تَضرِب للأنثَى المِثالا
عزةٌ في عفةٍ في رقةٍ
وجمالٌ دون كبرٍ يَتعالى
وابتَدَأنا بحديثٍ عابرٍ
وتَبادلنا الأحاديثَ الطِوالا
ذكَّرتني بِفُتوحاتِ الأُلى
ذَلَّلوا الأرض سهولاً وجِبالا
بعقولٍ قد سَمَت فَوْق الدُّنى
تنشُر الأمنَ يميناً وشِمالا
في سبيلِ المقصد الأسمَى الذي
يَتَجلَّى في رِضا اللهِ تعالى
قلتُ هاتِي ياابنةَ العرب انتمي
من تكونين انتماءً واتِصالا ؟
أطرَقَتْ حيناً وقالت نسبي
مثل غيري كلَّما امتد استطالا
كان جدي فارساً خاضَ الوَغَى
في سبيلِ اللهِ لا يَرجُو نَوالا
أنا مِن وَهْرانَ جَدي مسلمٌ
حَمَل القُرآن والعِلمَ وصَالا
إنَّ جَدي ذلك الحُرُ الذي
بَلَغَ البحرَ ونَاجَاه تَعالى
رَبِ لولا بَحرك الطاغِي هنا
لَمَضَيْتُ الفتحَ لا أخشى نِزالا
ثم قالت لي بصوتٍ مُحزنٍ
كَيفَ ضاعَ العِزُّ مِنا كيف مالا
وبِيُمنَانا كتابٌ لم يَزَل
يَنشرُ الهَديَ ويَروِيه مِثالا
وقف اللفظ خجولاً في فمي
ولِساني (وتجاهلتُ السؤالا)
****** ******
من كان بيته من زجاج جوهرتا ان يحافظ عليه انكسارا
ردحذفومن يروم العز عليه بالبيداء وسعتا والا كالملح بالماء الزوالا