الانتحار

أعلنت منظمة الصحة العالمية يوم الاثنين 9 أيلول سبتمبر 2019 أن نحو 800 ألف شخص ينتحرون سنويا، بمعدل حالة انتحار كل 40 ثانية، أي أكثر من الذين يُقتلون في الحروب ومعهم الذين يموتون بمرض  السرطان، ويأتي الانتحار  كسبب رئيسي للوفاة في المرتبة الثانية بعد حوادث الطرق

سجلت روسيا ثاني أعلى معدل في العالم مع 26,5 حالة انتحار لكل (100 ألف) شخص، وأظهرت الإحصائية ان أعمار المنتحرين بين ال15 وال45 سنة وكان عدد الرجال المنتحرين أكثر من عدد النساء، وكان المعدل العالمي للانتحار في عام 2016 هو 10,5 لكل 100 ألف شخص
ومعظم حالات الانتحار كانت في دول تتمتع بمستوى جيد من الرّفاهية: كروسيا وأميركا والسويد وفرنسا وبريطانيا واليابان وكوريا الجنوبية

في حين لا يوجد دولة عربية واحدة ضمن المائة دولة الأولى في معدلات الانتحار، فعلى الرغم من الفقر والاستبداد والبطالة والظلم الاجتماعي، ما زال فينا بقيةٌ من الإيمان بالله ترفع  روحنا المعنوية عالياً وهذا هو الشيء الوحيد الذي نملكه ويفتقده العالم  
نحن رغم كلّ شيء نعرف من أين جئنا ، وإلى أين مآلنا، وأن هذه الحياة ليست إلا مرحلةً ضئيلة من عمرنا الحقيقي
رغم ما في القلب من شَعْثٌ لا يلمُّه إلا الإقبالُ على الله، ووحشةٌ لا يزيلها إلا الأنسُ بالله، وحزنٌ لا يذهبه إلا الرِّضى عن قدر الله، فما زلنا نرى بائعاً متجوّلاً انتصبَ على الرّصيف مُكبّراً للصلاة بطمأنينة، وما زلنا نرى مسناً على عكّازه في الطريق إلى صلاة الفجر يرجو رضى خالقه، ما زلنا نرى أُماً فقدت ابنها الوحيد، ولا تزيد على أن ترفع كفيها تخاطب الله: اللهم لك الحمد أنتَ أعطيتَ وأنتَ أخذتَ.

فحالنا رغم الفقر والبطالة والحروب والغلاء
لم يزل الأكثرُ رضىً وشُغلاً واطمئناناً 
ولعل ما يحيط بنا من أحداث فاقت قدرتنا على تغييرها لكنها تُعلّمنا أن نكون  أكثر صبراً مستعينين بالله
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة : 153]
واثقين أنّ الله يختبرنا بامتحان صعب ومن ثَمَّ يُبَشِّر الصابرين 
{وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة : 155]
ويُفهمنا الله أيضاً ما لا نستطيع إدراكه
{...... وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة : 216]

ورغم معاصي البعض منا يبقى المسلم الأكثر ثقة وأملاً بالله والأكثر إقبالاً عليه  إلا الذين لوَّثوا أيديهم بدماء بريئة بدافع الحقد والكراهية ففقدوا رحمة ربهم
وكل الفضل يعود لهذا الدين العظيم الذي علّمنا أن نأخذ بالاسباب المتاحة لنصنع من أيسر المُقَوِّمات حياة نطمئن لها، وقد يكتئب البعض منا قليلاً لكن لا أحد يفكر بالانتحار وذلك من فضل الله على هذه الأمة {..... فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة : 38]

{ لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة : 177]
وصدق الله العظيم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حساب الجُمَّل

بحث حول (النفاثات في العقد)

الإعجاز العددي في سورة الكوثر والغرض من هذه الإعجازات