هل للعين ارتباط بالحسد

بحث عن (العين والحسد)
أرجو أن تكون آيات الكتاب وما يُستنبط من قِصَصِ القرآن هي الفيصل والدليل لدقة ما جاء في هذا البحث
{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص : 29]
 أولاً: للحسد أكثر من تعريف فما هو الحسد
1- الحَسَدُ: هو إحساس بشري سيء، نُهينا عنه نحن المؤمنين كما نهينا عن البُغضِ والغضب والإعجابِ بالنفس، وقد يَعرُض الحسد في نفوس الكثير من الناس، لكنَّ حدته تزداد عندما يكون الحاسد مبغِضاً للمحسود.
2-الحَسَدُ من المعجم: هو رَغبَةُ بِزَوَالِ نِعْمَةِ عن المحسود وَتَحوُّلِهَا إلى الحاسد

3- الحسد: هو اعتراض من الحاسد على قَدَرِ الله 
فإن تمنى الحاسد في سره زوال النعمة عن المحسود فقد ارتكب إثماً
 (قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: لا تَحاسدُوا، وَلا تناجشُوا، وَلا تَباغَضُوا، وَلا تَدابرُوا، وَلا يبِعْ بعْضُكُمْ عَلَى بيْعِ بعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللَّه إِخْوانًا) حديث صحيح رواه مسلم
قال رسول الله ﷺ (الحَسَدُ يَأْكُلُ الحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النار الحطب) حديث صحيح أخرجه أبو داوود 
كانت أولى المعاصي التي ارتُكِبت على هذه الأرض هي: من قِبَلِ ابليس المتكبر الذي حسد آدم لأن الله فضله عليه فأقسم بعزة الله لأغوينه وذريته ... ثم ابن آدم الذي حسد أخاه لأن الله تقبل من أخيه قربانه ولم يقبله منه فقتله

  ورد في الفقرة 3 حديثين صحيحين عن رسول الله ذُكِر فيهما الحسد ولم تذكر العين مطلقاً

 ثانياً العين: 
 وردت العين سبع مرات في كتاب الله بعدة معان هي:
  1- أداة الرؤيا والنظر (رؤيا العين)
 2- هي النبع (عين جارية) (عين حمئة)
3- (عين القِطر)
4- وعين الشيء "نفسه" 
5- وحرف العين اشتق شكله من شكل العين (ع)
عين الإنسان هي الأداة الأولى التي تثير الحسد لدى الحاسد فاختلط ذلك عند بعض الناس على أن الحسد هو العين لكن لم يرد ذكراً للعين في كتاب الله بهذا المعنى أبداً
 4- العين: هي حاسَّة من حواس الإنسان الخمس خلقها الله للرؤيا وتمييز الأشياء ولا تعمل إلا بوجود النور

 لا ارتباط في كتاب الله بين العين والحسد ولا في الأحاديث النبوية أو السنة النبوية إن صحت.
 لنتأمل بعض هذه الأحاديث التي قيلت في العين والتي يراها البعض أنها تشير الى الحسد مما جعلهم يسموه (الإصابة بالعين)

1- (العين حق، تُدخل الرجل القبر وتدخل الجمل القدر)
2- (كادت العين أن تغلب القَدَر)
3- (العين حق ولو أن شيئاً سابَقَ القدر لسبقته العين)
4- (أكثر موتى أمتي بعد قضاء الله العين)

5- روى البخاري عن أم سلمة هند بنت أبي أمية: رَأَى النبيّ في بَيْتِ أم سلمة جارِيَةً في وجْهِها سَفْعَةٌ، فقالَ: اسْتَرْقُوا لَها، فإنَّ بها النَّظْرَةَ
 وجاء في شرح الحديث
النظرة : عين من نظر الجن ،
 يعني أصابتها عين من نظرة جني إليها (والسؤال هل يمكن أن نحتمي نحن البشر من نظر الجن إلينا والله يقول "إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ") وهذا خطأ واضح في شرح وتأويل هذا الحديث إن صح
سفعة : قيل هي أثر  في الوجه
 6- حديث آخر طويل يحكي
(قصة سهل بن حَنيف الذي كان يغتسل فرآه عامر بن ربيعة   امتدح جسده فوقع مغشياً عليه
فقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن صح الحديث): "علام يقتل أحدكم أخاه؟! ما يمنع أحدكم إذا رأى من أخيه ما يعجبه في نفسه أو ماله فليبرِّك عليه، إن العين حق"
ثم طلب رسول الله أن يغتسل له العائن عامر ابن ربيعة ورشوا ماء الغسل على المعيون فبرِئ) 

  نجد أن الأمر هنا ليس حسداً بل ربما غبطة من عامر لأخيه سهل أو إعجاب واستحسان كاد أن يقتل اخاه
علماً أن الحسد والعين لم يجتمعا معاً في أيٍ من الأحاديث السابقة ولا في آية من آيات الكتاب
 وسؤالي كم يرى البعض منا يومياً في طريقهم من الناس من يستحسنه رجل مفتول العضلات أو شاباً وسيماً أو فتاةً جميلة أو طفلاً أو بياضاً وشقاراً وجمالاً  وعيوناً ساحرة وأناقة وديكورات أخاذة  أو سيارة فارهة  أو عمارة جميلة ويَنسَون أن يباركوا عليها ... لماذا لم نر أناساً تتساقط في الشوارع من فعل ضربات أعين الآخرين لهم

وقال البعض: إنَّ في العين طاقة مُؤثِّرة تنطلق من العين وقت نظر العائن عند اشتداد الحسد في قلب الحاسد، فتُلحِقُ الضّرر بالمَعيون، وبهذه الحالة تكون العين حسداً، وهي أشد أنواع الحسد. وهذا الكلام يتناقض مع قصة سهل بن حنيف السابقة حيث لم يكن الأمر حسداً ولم يكن شراً بل كان استحساناً

وقال البعض مفسِّراً إصابة العين أن العين تُصدر أشعة يحسد بها الحاسد وشبَّهَهَا بأشعة الليزر
ونجِد في الأحاديث السابقة وقصص العين ما ينبئ أن العين فيها ضرر للمعيون فقط ... وليس فيها نفعاً للعائن
لكن تعريف الحسد هو ضيق في النفس يؤدي الى رغبة بزوال الخير عن المحسود وتحوّل هذا الخير للحاسد
 وهذا ما يُستنبط من قصة إخوة يوسف حيث كانت نيتهم الشر بالمحسود بكلمة (اقْتُلُوا يُوسُفَ) .... وانتفاعهم  (يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ)
ولن أخوضَ في بحثي هذا عن صحة أحاديث العين وأتركها لمن هو أقدر على البحث مني في صحة هذه الأحاديث التي أراها غريبة في معانيها وتخالف ما جاء في كتاب الله
لكن لفت نظري في معظم ما قرات  وسمعت عن الحسد او العين من المتحدثين في الدين لا يفرقون كثيراً بينهما حتى جعلوهما قضية واحدة فإن قالوا العين فتعني عندهم الحسد وكذلك العكس
ومن وجهة نظري لا أرى أنّ العين البشرية تحمل طاقة للضرر بالآخرين بل أرى أنَّ مصدر الحسد هو النفس البشرية وليست العين، فربما يسمع الإنسان بأذنيه عما يملكه رجل الاعمال (بل غيتس) صاحب مليارات الدولارات وهو أغنى رجل في العالم وقد يحسده دون رؤيته بالعين المجردة، فهل يصح أن نقول حينئذ: (إنَّ الأذُن تحسد أو الأذن حق؟؟) أم أنّ نفس الإنسان هي مصدر الحسد لكن هذه النفس لا تؤذي أحداً ما لم تقترن بفعلٍ أو قولٍ يحل شراً
فعلينا الاستنباط من قصص القرآن التي أشار الله فيها الى الحسد  بشكل واضح في كتابه كقصة يوسف كيف حسدوه إخوته على زيادة حب أبيهم له، علماً بأنّ الله لم يذكر كلمة العين بمعنى الحسد في كتابه مطلقاً، وقد وردت كلمة العين  معرَّفة بالألف واللام  في آيتين فقط وليس لها علاقة بالحسد أبداً:
 {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ۖ فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ۚ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ} [آل عمران : 13]

{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة : 45]
ونلاحظ في هذه الآية كيف كتب الله على بني اسرائيل أنّ (الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ)، أي إذا فقأ أحد عين شخصٍ آخر فقصاص ذلك أن يفقأ القاضي عيناً للذي اعتدى عليه 
ولو كانت العين الحاسدة تقتل كما ورد في الأحاديث لشرَّع الله قلع (العين الحاسدة) جزاءً واتقاءً لشرها كما جاء في الآية أن (العين بالعين)

كما وردت كلمة (عين) مفردة في القرآن خمس مرات بعدة صِيغ، (عينٌ حمِئة) (عين القِطر) (عين آنية) (عين جارية) (عين اليقين) ولم يذكر الله في كتابه (عين حاسدة) وهي التي قالوا فيها أنها تسبق القَدر، 
بل ذكر الله على لسان امرأة فرعون التي أحبت الطفل موسى (قُرَة عين لي ولك) وقال الله أيضاً {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان : 74]
وقال تعالى أيضاً عن أهل الجنة{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة : 17]
ومن المعجم قُرَّةُ العين: (إطالة نظر العَيْنُ الى الشيء الذي يرضيها ويسعدها)
ولم يذكر الله في كتابه عينٌ حاسِدة ولم يأمرنا بالتعوذ من شرِّ العين الحاسدة ولا من الحاسد بل قال الله (من شر) حاسد وأتبعه بإذا ... فالحَسد شَرطي وظرفي مرتبط ب (إذا حسد) فإذا لم يقم الحاسد بنيَّةٍ أو فِعلٍ يسعى فيه قاصداً إيذاء المحسود أو إزالة النعمة  عنه فهو ليس  شراً ولا أذىً  لأن الله ربط شر الحاسد ب...(إذا حسد) أي إذا تحول الإحساس بالحسد الى فعل أو قول فيه شر  للمحسود
ومن صحيح البخاري ومسلم قال رسول الله ﷺ عن ربه هذا الحديث القدسي ...  وأقتَطِعُ لكم منه هذا الجزء
 (....وَإِنْ هَمَّ أحداً بِسَيّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا الله عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً... وَإِنْ هَمّ بِهَا فَعَمِلَهَا، كَتَبَهَا الله سَيّئَةً وَاحِدَةً)
أي إذا همَّ الحاسد بنية فيها شر للمحسود ثم تراجع عنها خشية من الله تُكتب للحاسد حسنة واحدة لأنه لم يحسد
وخير دليل من كتاب الله لشرح الحسد هو ما أورده الله تعالى في أحسن القصص في سورة يوسف هو ما فعله إخوة يوسف بأخيهم، حيث حذَّر يعقوب ولَدَهُ يوسف من حسدِ إخوته وكيدِهم له أي شر وأذى لاخيهم{قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [يوسف : 5]
والكَيد في المعجم هو: (إرادة مَضَرَّةِ الغير خِفْيَةً) أي وضع خطة في الخفاء من الحاسد للإضرار بالمحسود واستحواذ الحاسد على الخير لنفسه
فلما لمس إخوة يوسف محبة أبيهم ليوسف وتفضيله عليهم بدؤوا بالتخطيط
{إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [يوسف : 8]
وهذا قولٌ بأفواههم وإحساسٌ بالغضب والغيظ يعتمل في صدورهم ولم يتحول بعد الى شرٍ تجاه يوسف إلى أن وضعوا الخطة للتخلص من أخيهم
 {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} [يوسف : 9]
ولو فرضنا أن إخوة يوسف تراجعوا جميعاً عن نيتهم بإلقاء أخيهم في الجب في آخر لحظة خوفاً من الله  لكانت كُتبت لكل منهم حسنة
لكن الحسد ثار في نفوسهم وخططوا لتنفيذ جريمتهم وكيف استدرجوا أباهم كاذبين لخروج أخيهم معهم {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [يوسف : 12]
{فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ ....} [يوسف : 15]
اكتملت معالم الجريمة وتمثلت بهذا الفعل الشنيع وتكامل شر الحاسد لانه أصرَّ على ايذاء المحسود أي تحولت نية الحاسد الشريرة الى فعلٍ شرير يسلب الخير من المحسود لصالح الحاسد.
كما ورَدَ في القرآن وجوب تحصين النفس والمال من الحسد وعلَّمنا الله ورسوله أنَّ من رأى خيراً في نفسه أو في ماله أو في أهله فعليه أن يحصِّن ذلك الخير بالمعوذتين
 وبكلمة ما شاء الله ويثني على الله طالباً  البركة منه
قال تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا} [الكهف : 39]
أما الآيات الأربعة التي ذكر فيها الحسد في القرآن: فقد وردت بأربع صيغ في أربع آيات هي: حَسدَ .. يَحسُدُ .. حَسَداً .. حاسِد ولم تَرِد فيها أي ذكر للعين الحاسدة

1- الأية الأولى
{وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ۖ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة : 109]
  هذا حسدٌ من أهلِ الكتاب للمؤمنين على إيمانهم وحدد الله مصدر الحسد وهو النفس وليس العين حيث قال (حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم) ولم يقل من أعينهم
وأتساءل هنا هل الإصابة بالعين خاصة بالمسلم فقط والكافر لا يستطيع أن يصيب بالعين أحداً
 ثم نجد أنّ الله أمر المؤمنين أن يعفوا ويصفحوا ولم يأمرهم أن يُصَوِّبوا على الكافرين أعينهم ليردوا العين بضربة عين تقابلها

2- الآية الثانية
{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا} [النساء : 54]
قال الله تعالى عن أهل الكتاب اليهود أنهم يحسدون الناس أينما وجدوا  "ربما على ايمانهم او على أموالهم" مع أنَّ الله آتاهم ملكاً عظيما في الماضي القديم وفي الحاضر الحالي

3- الآية الثالثة:
{سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ ۖ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ ۚ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ ۖ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا ۚ بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [الفتح : 15]
يرى المنافقون أن مَنْعَ المسلمين لهم من المشاركة في فَيء خيبر وهو نصف محصول التمر من كل عام بعد ان فُتِحَت هو حسدٌ من المسلمين والحقيقة ان الله أمر رسوله أن تكون هذه الغنائم لمن حضر الحديبية ممن رضي الله عنهم

4- الآية الرابعة:
{وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق : 5]
فإن (إذا) شرطٌ يحتمل أمرين الأول (إذا لم يحسد الحاسد ) أو (إِذَا حَسَدَ)
أي من شر شخص حاسد خالجه الحسد في نفسه ونوى الشر وتحول إحساسه الى نية خبيثة وقام بعملٍ شريرٍ ضد محسوده وليس مجرد النظر بالعين والرغبة بزوال النعمة عن المحسود
فالحسد إحساس لا يؤذي المحسود إلا (إذا حسد) أي إذا رافقته نية بالشر ثم أتبعها بفعل أو قول يؤذي المحسود
 ومن الواضح أن الله لا يعني في هذه الآية من سورة الفلق (من شر حاسد إذا نظر) فالنظر حاسَّة  يتساوى بها كل الناس أما الحسد فهو إحساس ليس بالضرورة أن يرافقه الشر إلا إذا أضمر الحاسد ذلك الشر .. وشتان بين إحساس بريء ناتج عن نظرة ... وبين الحسد الذي يفجر في النفس هواها ويشتعل فيها غٍلها وأذاها
وأختم كلامي بهذه النتيجة وهي ملخص لهذا البحث

{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِن شَرِّ ... (2) وَمِن شَرِّ ... (3) وَمِن شَرِّ ... (4) وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)} [الفلق : 1-5]
نجد أنَّ الإستعاذة برب الفلق هي من الشر فقط وليست الاستعاذة مما خلق ... وليست الاستعاذة من الغاسق ... وليست من النفاثات ... كما أنها ليست من الحسد وإنما من الشر الذي ينجم عن الحاسد إذا قام بفعل الحسد
كما أنَّ الاستعاذة ليست من العين كما يعتقد البعض ولا من الحسد ذاته (أي ولا من إحساس الحاسد بالحسد ) ... وإنما الإستعاذة من (الشر فقط) الشر الناجم عن حسد الحاسدين أي من ضيقٍ اشتعل في نفس إنسان حاسد ... (إذا) ... أضمَر شراً ثم أتبعه بفعلٍ شرير ضد محسوده أو قولٍ فيه شرٌ يضر بالمحسود ... وقد اختصر الله تعالى هذه الاستعاذة بكلماته التامة (من شر حاسد إذا حسد) وأرجوا أن نضع تحت ... إذا ... مئة خط أحمر فإذا (ما حسد) الحاسد أي إذا لم يتحول إحساس الحاسد بالحسد للإضرار بالمحسود فإنه (ما حسد) أي (ما نجم عن حسده شرٌ يستعيذ منه المحسود)
 وبما أن الإنسان لا يستطيع أن يعرف إذا كان حاسده أضمر في نفسه الشر والأذى له أم لم يضمره لذا يمتثل المؤمن لأمر الله ويحصن النفس والمال والأهل من كل الشرور بقراءة المعوذتين اتقاءً من كل الشرور كلها ومنها شر حاسدٍ (إذا حسد) أو (إذا ما حسد)
هذا ما أراه وأطمئن إليه وهو ما هداني الله اليه في هذا البحث فإن أصبت فبفضل الله وإن أخطأت فمن نفسي

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حساب الجُمَّل

بحث حول (النفاثات في العقد)

الإعجاز العددي في سورة الكوثر والغرض من هذه الإعجازات