لمحات من حياة والدي الأستاذ المربّي الشاعر محمد بشير سالم
- وُلد الاستاذ محمد بشير سالم في مدينة أريحا عام 1912م وكان والده الشيخ بشير سالم إمام الجامع الكبير ومفتي أريحا رحمه الله
- دخل المدرسة الابتدائية في أريحا عام 1919م وكان أستاذه الأول في تلك المدرسة هو الشيخ مصطفى عبد الجواد الذي أحبّه كثيرًا
(صورة أستاذه مصفى عبد الجوَّاد) رسم رضوان سالم شاركت فيها في معرض المدرسة الصف العاشر في عيد المعلم في عام 1968
وحين توفي أستاذه رثاه بقصيدةٍ قال فيها:
يا مرشدَ الجيلِ هل جوزيتَ إحسانًاأم أن جيلك قـد أولاكَ نسـيانًـا
فـأنت أولُ أســتاذٍ ســــمـعـتُ بــــه
وأنت من صيّرَ التعليمَ إحسانًا
إنـي لأذكـرُ رغــمَ البـعدِ مـدرســـةً
أنشأتَها كرياضِ الزهرِ بستانًا
- ثم درس في دار المعلّمين بحلب وهي نفس ثانوية المأمون حاليًا، والتي كانت تسمّى حينئذٍ المدرسة السلطانية، وكان الدوام فيها مع الإقامة ليلًا والطعام.
حيث كان السفر بين أريحا وحلب بواسطة الدواب، وفي آخر سنة دراسية له في دار المعلمين صار السفر بالسيارة.
صورة جلاء الوالد في دار المعلمين
في عامه الأخير 1930
وكانت كل فترة دراسته في زمن المدير الأول للمدرسة السلطانية الأستاذ توفيق الجابري وكان من أساتذته في ذلك الوقت الأستاذ منيب نقشبندي.
وتخرّج من دار المعلمين في عام 1931م.
- عملَ بعد تخرّجه معلمًا ومديرًا لمدرسة في قرية راجو (قرب عفرين)، وهو أول من افتتح هذه المدرسة المؤلفة من غرفتين لدار قديمة، وكان طلاب المدرسة لا يتجاوزون 25 طالبًا جمعهم في غرفة واحدة على ثلاثة أرتال، لكل صفٍ رتل، وكان رحمه الله يدير الدرس ويقسّم اللوح لثلاثة أقسام، لكل صفٍ قسم، وبقي فيها لمدة 3 سنوات
مدرسة راجو 1932
- ثم عُيّن مديرًا لمدرسة سلقين وعاش فيها 4 سنوات (1935 – 1939م)، وعمل في هذه الفترة على تأسيس أول فرقة للكشّافة من أبناء البلد، وكتب قصيدًة عن سلقين قال فيها:
سـلـقـيـنُ مـهـدُ فتوّتي وشـبـابـي
ومَـراحُ أحــلامٍ لــديّ عِــذابِ
فـلكَم رسمتكِ فـي خيالي منظرًا
ولكَم حننتُ لإخوتي وصِحابي
يا جارة الوادي وما شِعري لها
واديكِ فوقَ مشاعري وعِبابي
فرقة الكشافة في مدرسة سلقين
- ثم مديرًا لمدرسة أرمناز لعشر سنوات (1939 – 1949م)، والتي كانت عبارة عن بناء قديم تحيطه قطعة أرض مهملة، فقام بالإضافة إلى عمله في التدريس والإدارة بتحويل هذه الأرض إلى حديقة غنّاء ملأها بالأشجار والزهور فصارت مَعْلَمًا جميلًا من معالم البلدة.
وفي قصةٍ طريفة من ذاكرة أبنائه (الأستاذ محمد فاروق سالم والدكتور المهندس محمد نبيل سالم):
حين زار الرئيس شكري القوتلي البلدة والمدرسة في تلك الفترة، قام الوالد بتحفيظ إبنه الأكبر فاروق قصيدة وطنية ألقاها أمام الضيف الكبير في حفل الترحيب، وكان فاروق آنذاك في التاسعة من عمره، فأثنى الرئيس على جميع القائمين على المدرسة وكرّم المدرّسين والطلاب بعطلةٍ ليومٍ واحد، فهمَس أحد المدرسين في أذُن التلميذ فاروق ليطلب من الرئيس أن يجعل العطلة ثلاثة أيام فأشار فاروق للرئيس بأصابعه الثلاثة، فقال الرئيس: "نعم.. ثلاثة أيام إجازة".
وقال في أرمناز قصيدةً، منها الأبيات التالية:
في أرمنـازَ جـنـانٌ كنتُ أدخلها
فأجْتَني من جنى عطرِ الرياحينِ
تركتُ فيها رفـاقًا لا عِـداد لـهم
أبـناءُ بـرٍّ تســامَـوا في الدواويـنِ
إني لألمسُ فيضًا من عواطفهم
حـبٌ تـدفّـقَ مثلَ المـاءِ يـرويـني
- ثم مديرًا لابتدائية كفر تخاريم (1949 – 1952م) حيث كانت المدرسة تقع على هضبةٍ جنوب البلد اسمها (كفّ الطيار) وكان بناء المدرسة بلا إكساء وبلا مقاعد وكان الطلاب يُحضرون معهم كراسي ليجلسوا عليها، وأرض الباحة مليئة بالحصى والأحجار الكبيرة.
فصار يوجّه الطلاب حتى قاموا بتسويتها وبعد ذلك عمل على صبّ أرضيتها بالإسمنت.
ثم طلب من آذن المدرسة وهو يجيد النجارة أن يصنع له مقعدًا مدرسيًا واحدًا للطلاب، وقام بوضعه في الجامع الكبير في كفر تخاريم وكتب عليه ورقةً يطلب فيها من الأهالي التبرع لأولادهم لعمل مقاعد كافية، كما أرسل طلبًا إلى مديرية المعارف في حلب لتأمين بعض المقاعد والأدوات اللازمة للمدرسة، بالإضافة لمتابعة العمل على إتمام إكساء الصفوف، إلى أن تحولت إلى مدرسة نموذجية.
وكانت مدرسةً ريفية، لذا ألحقوا بها أرضًا تقع على هضبةٍ مقابلةٍ شمال البلد لإجراء دروس الزراعة بشكل عملي على الأرض، فحولها إلى بستانٍ جميل يتعلم الطلاب فيه زراعة أنواع الخضروات والنباتات المثمرة والشتلات.
وفي إحدى قصائده عن عيد الجلاء ذكر كفر تخاريم وثورة هنانو فقال:
كـفـرْ تـخـاريـمُ كـم تـفـخرْ بـقـادتهـا
تُسابقُ القِطرَ في ثوراتِ أهليها
ذِكـرى هـنـانـو وإخـوانٍ لـه صمدوا
هذي معارِكُهـم بالفـخرِ نرويهـا
بورِكتَ نَيسانُ بَلْ بورِكتَ يا وطني
تِهْ بالفخارِ عـلى الدنيا وما فيها
- ثم عُيّن في بلده أريحا مديرًا لمدرسة أريحا الريفية في عام 1952م حتى تقاعده عام 1972م، وخلال وجوده في أريحا بُنيت أول مدرسة وفق النموذج الحديث للمدارس، حيث قام بنفسه بالإشراف على بنائها ثم استلم إدارتها وعمل على إنشاء فرقة كشفية وفرقة أخرى للأشبال مع كامل الألبسة والعدد اللازمة لتجهيز المخيمات والأدوات الموسيقية والطبول الخاصة بالاحتفالات وكانت تشارك هذه الفرَق في كل الاحتفالات القومية والنشاطات الاجتماعية، كما خصص غرَف خاصة بالأدوات الرياضية وحوّل أجزاء من الباحة إلى ملاعب لكرة السلّة والكرة الطائرة.
ثم عمل على زراعة الأشجار حول أسوار المدرسة وأنشأ لها حديقة منظمة ملأها بالورود ونباتات الزينة المميزة كما وضع فيها خلايا خاصة بتربية النحل، وخصص غرفًا للأدوات الزراعية التي يستخدمها الطلاب في دروس الزراعة العملية، كما أنشأ لأول مرة في أريحا مفرخةً لإنتاج الصيصان ومدجنةً لتربية الدجاج.
كما عمل على إقامة دورات ليلية في المدرسة لمحو الأمية للكبار من أهالي أريحا.
ومن ذاكرتي أنا ابنه المهندس رضوان سالم عندما كان عمري سبعة أعوام حيث شَهِدتُ زيارة الرئيس جمال عبد الناصر إلى أريحا عام 1959م، وخرج لاستقباله مجموعة من كبراء البلدة بالإضافة لطلاب المدارس وكنت بينهم في الصف الأول الابتدائي كما خرجت فرقة كشافة أريحا مع الطبول، وألقى الأستاذ محمد بشير سالم قصيدةً شعريةً ابتهاجًا بالوحدة بين سوريا ومصر وترحيبًا بالضيف الكبير وبعدها ألقى الرئيس جمال عبد الناصر كلمته حيث وقف في أعلى درج السرايا القديمة، المطل على الساحة الغربية للبلدة
(صور أو فيديو زيارة الرئيس جمال عبد الناصر الى أريحا)
هواياته ونشاطاته رحمه الله:
- في شبابه كان يستغل العطلة الصيفية حيث كان يعود إلى بلده أريحا ليقوم بالعديد من النشاطات المفيدة، فقد قام مع مجموعةٍ من رفاقه من شباب أريحا المثقفين بالكثير من النشاطات الثقافية والترفيهية التي كان يحضرها عدد كبير من الأهالي، ففي تلك الفترة من ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي لم يكن لأجهزة الإعلام وجود، فلم يعرف أهالي أريحا الراديو ولا التلفزيون ولا السينما ولا المسرح، حتى الصحف لم تكن تصل إلى البلد.
وقد كان رحمه الله متعدد الهوايات، لا تفتر همته عن العمل والتعليم والتربية بما يفيد أبناء المجتمع، ومن هواياته الشعر والرسم والنحت والإخراج والتمثيل والرحلات المدرسية بالإضافة للسفر والسياحة.
- أما الشعر، فله قصائد عديدة نشر منها ديوانين: الأول (الأندلس وقصائد أخرى) والثاني (نفحات إلهية)، والعديد من القصائد التي لم تُنشر، ومما قاله في أريحا:
أريـحـا جــنــةُ تســـمـو رُبـاهـا
وطيرُ الأنسِ يصدحُ في سماهـا
أريــجُ الـزهـرِ ضمّخهـا بـعطرٍ
وطيبُ المسكِ يُؤخذُ من شذاهـا
بـهـا مـا شـئتَ مـن كـرزٍ لـذيـذٍ
زكـيِّ الطـعــمِ مـنـبـتـهُ ثــراهــا
هضابُ الأربعينَ كرُمتِ مثوىً
وفُقتِ على جبالِ الأرضِ جاهـا
مشـاهـدُ لا تـراهـا فـي الأمـاني
ولــكــن فـي أريـحـا قـد تـراهـا
(صورة من أريحا)
- وفي مجال الرسم، له لوحات عديدة تتنوع بين المناظر الطبيعية ووجوه لشخصيات معروفة وغيرها، بالإضافة لمنحوتاتٍ ثلجية موثقة بالصور المحفوظة كتمثالٍ للشاعر أبي العلاء المعرّي وتمثالٍ لزنوبيا ملكة تدمر وتمثالٍ لأسدٍ رابضٍ على الأرض وبعض المنحوتات المحفورة على حجر الحوّار.
- وفي الإخراج، كان رحمه الله يشارك في إخراج الحفلات المدرسية والتمثيليات التي تُقدّم في الحفل، حيث كان على مدى سنوات خدمته يقوم بإعداد حفل سنوي للطلاب يُقدّم على مسرح "سينما أريحا" ويحضره الأهالي، وكان يقام هذا الحفل السنوي في أحد أيام الربيع بين 21 آذار (عيد الأم) و17 نيسان (عيد الجلاء)، ويُعرض مرتين، صباحًا للرجال ويُعاد مساءً للنساء، ويتضمن تمثيليات هادفة وأغاني وطنية حول موضوعات الأم والوطن ولمحات من تاريخنا المُشرق، والتي شارك فيها أبناؤه إلى جانب زملائهم من الطلاب، وكان يساعده في إخراج تلك الحفلات رفيق عمره الأستاذ أحمد الجسري رحمه الله.
كما كان ينظّم رحلات مدرسية للطلاب سنويًا إلى مختلف المحافظات للترفيه وتعريف الطلاب على المدن والمحافظات السورية.
- أنشأ في شبابه مع رفاقه مكتبة أهلية في أريحا لقراءة ومطالعة الكتب التاريخية والقصص، بغاية نشر الثقافة والعلم وتوعية الشباب، واعتمد على جمع الكتب من الأهالي، وكان مقرّ المكتبة في إحدى الدور شمال شرق الجامع الكبير في أريحا اصبح مكانها فرن حالياً
- عمِل بعد تقاعده مديرًا للمدرسة الشرعية ثم مديرًا لجمعية النهضة ثم مديرًا للمركز الثقافي في أريحا.
- زار في حياته سائحًا العديد من دول العالم منها: تركيا واليونان والجزائر والمغرب وإسبانيا وفرنسا وسويسرا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ والعراق والإمارات العربية، كما زار السعودية والحجاز مرتين حاجًا ومعتمرًا.
- وكان وراء تاريخه الحافل زوجةٌ مثقفةٌ داعمةٌ له على الدوام، الحاجة صبيحة عبد الكريم، كانت ذات خلُقٍ عالٍ وقدرةٍ وصبرٍ فائقَين، ربّت أبناءهما خير تربية، رحمها الله وأسكنها فردوسه الأعلى.
- للأستاذ الفاضل خمسة أبناء ذكور وابنة واحدة، وجميع أبنائه وأحفاده بفضل الله جامعيون مثقفون بشهاداتٍ عالية.
الأستاذ محمد فاروق سالم
الدكتور المهندس محمد نبيل سالم
الصيدلاني أسامة سالم
السيدة جمانة سالم
الدكتور محمد حسان سالم
المهندس رضوان سالم
- توفي الأستاذ محمد بشير سالم في حلب عام 1994م ودُفن في أريحا.
ومن آخر قصائده رحمه الله:
يـا إلهَ الكـونِ قلـبي
دائـمُ الشوقِ إلـيـك
يا رحيمًا قد دعاني
أقبلت روحي عليك
فأجرني مـن عذابٍ
إننـي صـنعُ يـديـك
وأنـلنـي منكَ عـفوًا
جـنّـةُ الخـلـدِ لديـك
تغمّده الله برحمته وأسكنه فردوسه الأعلى وألحقه بالصالحين.
-------------------
الله يرحمه شخصيه أكثر من رائعه
ردحذفتشكر
حذفالله يرحمهم جميعاً
ردحذفاخي العزيز كنت اتمني اقرأ اكثر من تفسير القران لك من سورة الفاتحة لين سورة الناس
الله يرضى عليك مايطلع لي في بلدي التطبيق اللي حضرتك تكتب من خلاله عندي ايميل او رقم هاتفي تقدر تضع لي لنك اولا ايميلي saa3eedh456@gmail.com
ورقم الواتساب في عندي اكثر من خط كوني خارج الكويت استخدم الخط عن طريق الانترنت 0096594412152/0096551080892
شاكرتلك جدا التوعية واسلوبك الخفيف لتوصيل العلم والايمان ولذلك اطلب بكل شغف التفسير واحاديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
لك تقديري وتحياتي.
اختك ام شاهين
The RACING ROOM - DR. MAINCCHESTER - Dr. MCD
ردحذفThe RACING ROOM at DR. 거제 출장샵 MAINCCHESTER. Dr. MAINCCHESTER. 서귀포 출장안마 Dr. MAINCCHESTER. Dr. MAINCCHESTER. Dr. MAINCCHESTER. Dr. MAINCCHESTER. 동두천 출장샵 Dr. MAINCCHESTER. Dr. 광주광역 출장마사지 MAINCCHESTER. 시흥 출장마사지