بالصبر والتسليم لِقَدَرِ الله يعرف صدق الإيمان
مباراة وامتحان في الصبر والتسليم للقدر
نعيش هذه الأيام امتحان من الله صعب
عصر الفتن فيه المصائب والقصف والتشويه والإعاقة ونهب للممتلكات والتشريد والتجويع والغلاء وهدم البيوت وسرقتها ثم القنص والقتل طغياناً وظلما.
{وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة : 155]
وفي آية أخرى (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) فالصبر عبادة يحبها الله لأنها دليل على صدق الإيمان وعلى الاستسلام لقضاء الله مع الأخذ بالأسباب
والحكمة في الصبر نجدها ونفهمها من خلال تلك القصص الثلاثة التي وردت في سورة الكهف ليعلِّمنا الله بها ويخبرنا عن علاقة الصبر بعلم الله للغيب
وحدثت تلك القصص بين سيدنا موسى والعبد الصالح ليُهوِّن علينا ويهدِئ من نفوسنا بأنَّ ما يحدث لنا من الأمور ظاهرها فيه سوء وحزن وحقيقتها فيه الخير لنا وسيحمل إلينا الفرحة يوماً ما سواء في الدنيا أم في الآخرة
فليست كل مصيبة نعيشها هي شر لنا
1- قصة السفينه
{فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} [الكهف : 71]
{أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) الكهف
هذه القصة من سورة الكهف تنبئ عن علم الله الغيبي في الزمن الحاضر أي في اللحظة التي يعيشها كل منا
فحال المَلِك في هذه الآية أنه كان في إثر هذه السفينة هو وجنده يتعقبها من ورائهم ويتعقب أصحابها المساكين الذين يسعون على كسب أرزاقهم ليغتصب سفينتهم
فكان لابد من خرقها بسرعة قبل وصول الملك وجنده
فخَرْقُها كان طوق النجاة لأصحابها المساكين
منع الملك من اغتصاب مصدر رزقهم الوحيد
وكان على أصحاب السفينة أن يحمدوا الله على هذه المصيبة فكان خرقها هو قمة الحكمة لخيرهم وانقاذ السفينة من طغيان المَلِك
فليس كل ما نكرهه هو شر لنا
(.....وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)
وليس موت كل عزيز علينا هو شر لنا أو نهاية تعيسة له
2- قصة الغلام
{فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا} (74) [الكهف]
{وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) [الكهف]
هذه القصة تنبئ عن علم الله للغيب في المستقبل
فليفترض كل منا أنه كان والد ذلك الغلام الذي قتله العبد الصالح (الخضر)
فكيف ستكون ردة فعلك عند رؤيتك مصرع ولدك وهو قتيل أمامك
بالطبع سوف تحزن وتبكي ولدك وقد تتسائل وتعترض لِمَ يارب أذِنت بقتل إبني الوحيد وأين رحمتك وعدلك يا الله بي وبوالدته فهو صغير لم يؤذي أحد
وتمر الأيام والسنون (سواءً كنت صابراً محتسبا أو ممتعضاً وناقما على قضاء الله) إلى أن ياتي يوم القيامة وتقابل الله سبحانه وتعالى ويطلعك على سر الغيب الذي كنت تجهله بمصير إبنك الوحيد لو بقي حياً وكبر في بيتك وبين ذراعيك فكان سيحيا كافراً ويُكرِه أبويه على الكفر ... ويُرهقكما في حياتكما عذاباً وتنكيداً وسَتَكرهان اليوم الذي وُلِد فيه ثم يموت كافراً ويدخل النار
فكأن الله يقول لك : لقد ضمنت بموته لك ولوالدته حياةً طيبة وغيرتُ القدَرَ اكراماً لكما
فدخل مع والديه الجنة بدل النار لأنه مات وهو طفل صغير
وأبدلتكما به (كما يقول بعض الفقهاء) ببنت هي خيراً منه حباً لكما وأكثر رحمةً ورعايةً بكما في حياتكما وعند الكِبَر
دعني أخمن ما سوف يقوله والد ذلك الطفل لله عند معرفة حكمة الله في قتله: (إعذرني يارب فأنا لا أعلم الغيب ولم أدرك حكمتك ورحمتك بي بقتل ولدي وكان عليَّ أن أكون أكثر ثقة بك وبعدلك وبِرّك ورحمتك بنا وكان حرياً بي أن أكون أكثر صبراً على قدَرِكَ وعلى كل مصائب الدنيا وأن أكون أقوى إيماناً بقضائك وقدرك وكان علي أن أكون أكثر تدبراً وفهماً لما أنزلت إلينا من آيات في كتابك الكريم
فقد أنعمت عليَّ بقتل ولدي نعماً كثيرة لا أستطيع أن أوَفّي فضلك علي مهما عملت
فقد أسعدتنا في هذه الحياة الدنيا بموته حيث كان سيشقينا لو بقي حياً
وكما أسعدتنا في الآخرة حيث أنقذت ولدي من دخول النار وجمَّعت شملنا معاً في جنتك ولم تُشقِه بفضلك وتدبيرك
يارحمن يارحيم
وكان حرياً بي أن أسجد لك شكراً وتعظيماً وامتناناً على مصيبتي التي كانت رحمة منك حين قُتِل ابني
فيارب أرجو عفوك ومغفرتك لأني لا أعلم الغيب
فليس كل ما تكرهه هو شر لك
(.....وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)
وليس كل مساعدة تقوم بها أو عمل تقدمه للآخرين يجب أن تأخذ عليه أجراً
فأجر الله أكبر بكثير
3- قصة الجدار
{فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الكهف : 77]
(وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا) (82) [الكهف]
هذه القصة تنبئ عن علم الله للغيب في الماضي
كحال ذلك الرجل الذي كان صالحاً في حياته ثم توفاه الله تاركاً ولدين يتيمين صغيرين وترك لهما أيضاً ثروة حتى يكبرا ويبلغا أشدهما ليستعينا بها
وقد خَبَأ هذه الثروة تحت ذلك الجدار الذي كاد أن يتهدم بفعل الزمن فأوحى الله الى العبد الصالح (الخضر) ليعيد بناؤه مع سيدنا موسى وكانا مسافرين وجائعين وطلبا الطعام من أهل تلك البلدة فأبوا أن يعطيانهما شيئاً يأكلانه
ولم يكن سيدنا موسى على علمٍ بسبب ترميم ذلك الجدار المتهالك فاقترح أن يأخذ أجراً على تعبه في إصلاح ذلك الجدار من أصحابه ربما ليدفع عن نفسه الجوع وهذا من حقه لكن حكمة الله وتوجيهه له منعته ليعلمه ويعلمنا هذه العبارة (أصلح أين ما كنت ولتكن نيتك الإصلاح لوجه الله بدون أجر)
فالله يريد أن يُعَلِمنا أن نصلح كل شيء نجده يحتاج إلى إصلاح ليس من أجل كسب المال وكأمثلة عن تلك الإصلاحات (إصلاح حفرة في الطريق، إسعاف شخص مصاب، إنقاذ أناس من تحت الأنقاض، إيواء أسرة مشردة، زرع شجرة يستظل بها الناس أو ليأكلوا من ثمرها، بذل الطعام لجائع، إغاثة ملهوف، بناء مشفى، تعليم أميين، تعليم صنعة لمتشرد، كفالة يتيم أو طالب علم، إصلاح بين زوجين أو بين أخوين) فالإصلاح والمساعدة التي تبادر بها لأجل الآخرين لا يجب أن تأخذ عليهما أجراً وحتى لو كنت بأمس الحاجة لهذا الأجر ... فأجرك عند الله أكبر بكثير
وخلاصة الموضوع أننا سنكتشف يوماً أن كل هذه الأحزان والمصائب التي نعيشها في هذا الزمن ومع هذه الفتن هي التي أنقذتنا من النار
وأنَّ صَبْرنا عليها هو من أدخلنا الجنة
وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
سنصبر يا رب ونحتسب الأجر عندك وبإذن الله وسنصلح ما استطعنا ونتوكل عليك فأعنا على هذه الإبتلاءآت وفرِّج عنا يا كريم.
8 آذار 2018
نعيش هذه الأيام امتحان من الله صعب
عصر الفتن فيه المصائب والقصف والتشويه والإعاقة ونهب للممتلكات والتشريد والتجويع والغلاء وهدم البيوت وسرقتها ثم القنص والقتل طغياناً وظلما.
{وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة : 155]
وفي آية أخرى (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) فالصبر عبادة يحبها الله لأنها دليل على صدق الإيمان وعلى الاستسلام لقضاء الله مع الأخذ بالأسباب
والحكمة في الصبر نجدها ونفهمها من خلال تلك القصص الثلاثة التي وردت في سورة الكهف ليعلِّمنا الله بها ويخبرنا عن علاقة الصبر بعلم الله للغيب
وحدثت تلك القصص بين سيدنا موسى والعبد الصالح ليُهوِّن علينا ويهدِئ من نفوسنا بأنَّ ما يحدث لنا من الأمور ظاهرها فيه سوء وحزن وحقيقتها فيه الخير لنا وسيحمل إلينا الفرحة يوماً ما سواء في الدنيا أم في الآخرة
فليست كل مصيبة نعيشها هي شر لنا
1- قصة السفينه
{فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} [الكهف : 71]
{أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) الكهف
هذه القصة من سورة الكهف تنبئ عن علم الله الغيبي في الزمن الحاضر أي في اللحظة التي يعيشها كل منا
فحال المَلِك في هذه الآية أنه كان في إثر هذه السفينة هو وجنده يتعقبها من ورائهم ويتعقب أصحابها المساكين الذين يسعون على كسب أرزاقهم ليغتصب سفينتهم
فكان لابد من خرقها بسرعة قبل وصول الملك وجنده
فخَرْقُها كان طوق النجاة لأصحابها المساكين
منع الملك من اغتصاب مصدر رزقهم الوحيد
وكان على أصحاب السفينة أن يحمدوا الله على هذه المصيبة فكان خرقها هو قمة الحكمة لخيرهم وانقاذ السفينة من طغيان المَلِك
فليس كل ما نكرهه هو شر لنا
(.....وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)
وليس موت كل عزيز علينا هو شر لنا أو نهاية تعيسة له
2- قصة الغلام
{فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا} (74) [الكهف]
{وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) [الكهف]
هذه القصة تنبئ عن علم الله للغيب في المستقبل
فليفترض كل منا أنه كان والد ذلك الغلام الذي قتله العبد الصالح (الخضر)
فكيف ستكون ردة فعلك عند رؤيتك مصرع ولدك وهو قتيل أمامك
بالطبع سوف تحزن وتبكي ولدك وقد تتسائل وتعترض لِمَ يارب أذِنت بقتل إبني الوحيد وأين رحمتك وعدلك يا الله بي وبوالدته فهو صغير لم يؤذي أحد
وتمر الأيام والسنون (سواءً كنت صابراً محتسبا أو ممتعضاً وناقما على قضاء الله) إلى أن ياتي يوم القيامة وتقابل الله سبحانه وتعالى ويطلعك على سر الغيب الذي كنت تجهله بمصير إبنك الوحيد لو بقي حياً وكبر في بيتك وبين ذراعيك فكان سيحيا كافراً ويُكرِه أبويه على الكفر ... ويُرهقكما في حياتكما عذاباً وتنكيداً وسَتَكرهان اليوم الذي وُلِد فيه ثم يموت كافراً ويدخل النار
فكأن الله يقول لك : لقد ضمنت بموته لك ولوالدته حياةً طيبة وغيرتُ القدَرَ اكراماً لكما
فدخل مع والديه الجنة بدل النار لأنه مات وهو طفل صغير
وأبدلتكما به (كما يقول بعض الفقهاء) ببنت هي خيراً منه حباً لكما وأكثر رحمةً ورعايةً بكما في حياتكما وعند الكِبَر
دعني أخمن ما سوف يقوله والد ذلك الطفل لله عند معرفة حكمة الله في قتله: (إعذرني يارب فأنا لا أعلم الغيب ولم أدرك حكمتك ورحمتك بي بقتل ولدي وكان عليَّ أن أكون أكثر ثقة بك وبعدلك وبِرّك ورحمتك بنا وكان حرياً بي أن أكون أكثر صبراً على قدَرِكَ وعلى كل مصائب الدنيا وأن أكون أقوى إيماناً بقضائك وقدرك وكان علي أن أكون أكثر تدبراً وفهماً لما أنزلت إلينا من آيات في كتابك الكريم
فقد أنعمت عليَّ بقتل ولدي نعماً كثيرة لا أستطيع أن أوَفّي فضلك علي مهما عملت
فقد أسعدتنا في هذه الحياة الدنيا بموته حيث كان سيشقينا لو بقي حياً
وكما أسعدتنا في الآخرة حيث أنقذت ولدي من دخول النار وجمَّعت شملنا معاً في جنتك ولم تُشقِه بفضلك وتدبيرك
يارحمن يارحيم
وكان حرياً بي أن أسجد لك شكراً وتعظيماً وامتناناً على مصيبتي التي كانت رحمة منك حين قُتِل ابني
فيارب أرجو عفوك ومغفرتك لأني لا أعلم الغيب
فليس كل ما تكرهه هو شر لك
(.....وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)
وليس كل مساعدة تقوم بها أو عمل تقدمه للآخرين يجب أن تأخذ عليه أجراً
فأجر الله أكبر بكثير
3- قصة الجدار
{فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الكهف : 77]
(وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا) (82) [الكهف]
هذه القصة تنبئ عن علم الله للغيب في الماضي
كحال ذلك الرجل الذي كان صالحاً في حياته ثم توفاه الله تاركاً ولدين يتيمين صغيرين وترك لهما أيضاً ثروة حتى يكبرا ويبلغا أشدهما ليستعينا بها
وقد خَبَأ هذه الثروة تحت ذلك الجدار الذي كاد أن يتهدم بفعل الزمن فأوحى الله الى العبد الصالح (الخضر) ليعيد بناؤه مع سيدنا موسى وكانا مسافرين وجائعين وطلبا الطعام من أهل تلك البلدة فأبوا أن يعطيانهما شيئاً يأكلانه
ولم يكن سيدنا موسى على علمٍ بسبب ترميم ذلك الجدار المتهالك فاقترح أن يأخذ أجراً على تعبه في إصلاح ذلك الجدار من أصحابه ربما ليدفع عن نفسه الجوع وهذا من حقه لكن حكمة الله وتوجيهه له منعته ليعلمه ويعلمنا هذه العبارة (أصلح أين ما كنت ولتكن نيتك الإصلاح لوجه الله بدون أجر)
فالله يريد أن يُعَلِمنا أن نصلح كل شيء نجده يحتاج إلى إصلاح ليس من أجل كسب المال وكأمثلة عن تلك الإصلاحات (إصلاح حفرة في الطريق، إسعاف شخص مصاب، إنقاذ أناس من تحت الأنقاض، إيواء أسرة مشردة، زرع شجرة يستظل بها الناس أو ليأكلوا من ثمرها، بذل الطعام لجائع، إغاثة ملهوف، بناء مشفى، تعليم أميين، تعليم صنعة لمتشرد، كفالة يتيم أو طالب علم، إصلاح بين زوجين أو بين أخوين) فالإصلاح والمساعدة التي تبادر بها لأجل الآخرين لا يجب أن تأخذ عليهما أجراً وحتى لو كنت بأمس الحاجة لهذا الأجر ... فأجرك عند الله أكبر بكثير
وخلاصة الموضوع أننا سنكتشف يوماً أن كل هذه الأحزان والمصائب التي نعيشها في هذا الزمن ومع هذه الفتن هي التي أنقذتنا من النار
وأنَّ صَبْرنا عليها هو من أدخلنا الجنة
وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
سنصبر يا رب ونحتسب الأجر عندك وبإذن الله وسنصلح ما استطعنا ونتوكل عليك فأعنا على هذه الإبتلاءآت وفرِّج عنا يا كريم.
8 آذار 2018
تعليقات
إرسال تعليق