الصبر على القَدَر خاتمته رائعة

مباراة وامتحان في الصبر
نعيش هذه الأيام امتحان من الله صعب
 عصر الفتن فيه المصائب والقتل والتشريد والتجويع والغلاء وهدم البيوت وسرقتها والتشويه والإعاقة والموت

  ولكنٍَ عِلم الله الغيبي ينبؤنا من خلال هذه القصص الثلاث التي وردت في هذه الآيات من سورة الكهف ليهوِّن علينا ويهدِئ من نفوسنا بأنَّ ما يحدث لنا من الأمور ظاهرها فيه سوء وحزن لكنها بإذن الله فيها الخير لنا وستحمل الينا الفرح يوماً ما 
{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص : 29]
فليست كل مصيبة نعيشها هي شر لنا
{أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) الكهف

هذه القصة من سورة الكهف تنبئ عن علم الغيب لله في اللحظة التي يعيشها كل منا
فحال المَلِك في هذه الآية أنه كان في إثر السفينة هو وجنده يتعقبها ويتعقب أصحابها المساكين من ورائهم ليغتصب سفينتهم 
فكان لابد من خرقها بسرعة قبل وصول الملك وجنده
 فخَرْقُها كان طوق النجاة لأصحابها المساكين
 منع الملك من اغتصاب مصدر رزقهم الوحيد
وكان على أصحاب السفينة أن يحمدوا الله على مصيبة خرقها فذلك خير لهم

 فليس كل ما نكرهه هو شر لنا
(.....وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)

وليس موت كل عزيز علينا هو شر لنا أو نهاية تعيسة له

{وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) الكهف
هذه القصة تنبئ عن علم الله للغيب لمستقبلنا
فليفرض كل منا أنه كان والد الغلام  الذي قتله العبد الصالح (الخضر)
فكيف ستكون ردة فعلك عند رؤيتك مصرع ولدك وهو قتيل أمامك
بالطبع سوف تحزن وتبكي ولدك وقد تتسائل وتعترض لِمَ يارب أذِنت بقتل إبني الوحيد وأين رحمتك وعدلك يا الله بي وبوالدته فهو صغير لم يؤذي أحد
 وتمر الايام والسنون (سواءً كنت صابراً محتسبا أو ممتعضاً وناقما على قضاء الله) الى أن ياتي يوم القيامة وتقابل الله سبحانه وتعالى ويطلعك على سر الغيب الذي كنت تجهله بمصير إبنك الوحيد لو بقي حياً وكبر في بيتك وبين ذراعيك فكان سيحيا كافراً ويُكرِه أبويه على الكفر ويُرهقكم في حياتكم عذاباً وتنكيداً وسَتَكرهون اليوم الذي وُلِد فيه ثم يموت كافراً ويدخل النار
فكأن الله يقول لك : لقد ضمنت بموته لك ولوالدته حياةً طيبة وغيرتُ القدَرَ  اكراماً لكما
فدخل مع والديه الجنة بدل النار لأنه مات وهو طفل صغير
وأبدلتكما به  (كما يقول بعض الفقهاء)ببنت هي خيراً منه حباً لكما وأكثر رحمةً ورعايةً بكما في حياتكما وعند الكِبَر
دعني أخمن ما سوف يقوله  والد ذلك الطفل لله عند سماع ذلك
(إعذرني يارب فأنا لا أعلم الغيب ولم  أدرك حكمتك ورحمتك بي بقتل ولدي وكان عليَّ أن أكون أكثر ثقة بك وبعدلك وبِرك ورحمتك بنا وكان حرياً بي أن أكون أكثر صبراً على قدَرِكَ وعلى كل مصائب الدنيا وأن أكون أقوى إيماناً بقضائك وقدرك وكان علي أن أكون أكثر تدبراً وفهماً لما أنزلت إلينا من آيات في كتابك الكريم
 فقد أنعمت عليَّ بقتل  ولدي نعماً كثيرة لا أستطيع أن أوَفّي فضلك علي مهما عملت
  فقد أسعدتنا  في هذه الحياة الدنيا بموته حيث كان سيشقينا لو بقي حياً
وكما أسعدتنا  في الآخرة حيث أنقذت ولدي من دخول النار وجمَّعت شملنا  معاً في جنتك ولم تُشقِه بفضلك وتدبيرك
 يارحمن يارحيم
وكان حرياً بي أن أسجد لك شكراً وتعظيماً وامتناناً  على مصيبتي حين قُتِل ابني
 فيارب أرجو عفوك ومغفرتك لأني لا أعلم الغيب

فليس كل ما تكرهه هو شر لك
(.....وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)

وليس كل مساعدة تقوم بها أو عمل تقدمه للآخرين يجب أن تأخذ عليه أجراً
فأجر الله أكبر بكثير
 (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا) (82) الكهف

هذه القصة  تنبئ عن علم الله للغيب لِما مضى لكل منا
كحال ذلك الرجل الذي كان صالحاً في حياته ثم توفاه الله تاركاً ولدين يتيمين صغيرين وترك لهما أيضاً ثروة حتى يكبرا ويبلغا أشدهما ليستعينا بها
 وقد خَبَأ هذه الثروة تحت ذلك الجدار الذي كاد أن يتهدم فأوحى الله الى العبد الصالح (الخضر) ليعيد بناؤه مع سيدنا موسى وكانا مسافرين وجائعين ولم يعرف سيدنا موسى سبب ترميم ذلك الجدار المتهالك فاقترح أن يأخذ أجراً على تعبه في إصلاح ذلك الجدار من أصحابه ربما ليدفع عن نفسه الجوع وهذا من حقه  لكن حكمة الله وتوجيهه له منعته ليعلمه ويعلمنا هذه العبارة (أصلح أين ما كنت لوجه الله)

فالله يريد أن يُعَلِمنا أن نصلح كل شيء نجده يحتاج إلى إصلاح ليس من أجل كسب المال وكمثال على الإصلاحات (إصلاح حفرة في الطريق، إسعاف شخص مصاب، إنقاذ أناس من تحت الأنقاض، إيواء أسرة مشردة، زرع شجرة يستظل بها الناس أو يأكلوا من ثمرها، بذل الطعام لجائع، إغاثة ملهوف، بناء مشفى، تعليم أميين، تعليم صنعة لمتشرد، كفالة يتيم أو طالب علم، إصلاح بين زوجين أو بين أخوين) فالإصلاح والمساعدة التي تبادر بها لأجل الآخرين لا يجب أن تأخذ عليهما أجراً وحتى لو كنت بأمس الحاجة لهذا الأجر
فأجرك عند الله أكبر بكثير

سنكتشف يوماً أن كل هذه الأحزان والمصائب التي نعيشها في هذا الزمن هي التي أنقذتنا من النار
 وأنَّ صَبْرنا عليها هو من أدخلنا الجنة
وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
سنصبر يا رب ونحتسب الأجر عندك وبإذن الله سنصلح ما استطعنا ونتوكل عليك فأعنا على هذه الإبتلاءآت وفرِّج عنا يا كريم.

تعليقات

  1. سلام علیکم
    ان الله تعالی قد بشرنا فی القران حين قال و بشر الصابرین..
    و اعلم خروج الدجال قریب واعلم ان الدجال هو دونالد جان ترامب
    و اعلم هو سیشتعل الحرب العالمیة و هو من آل ابي سفيان و هو سيُقتل بايدي خير البرية بقرب بحيرة طبرية

    ردحذف
    الردود
    1. لا يا أخي ليس الدجال هو ترامب ففتنة الدجال أكبر بكثير من هذه الفتن التي نعيشها

      حذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حساب الجُمَّل

بحث حول (النفاثات في العقد)

الإعجاز العددي في سورة الكوثر والغرض من هذه الإعجازات